من فقه القرآن
أحكام الحج
الحلقة (1)
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
www.algantan.com
قال الله تعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) سورة آل عمران : 97
فقه الآية الكريمة وفوائدها في المسائل الآتية :
المسألة الأولى : في الآية الكريمة أدلة على وجوب الحج ، وعلى تأكيد حقه ، وتعظيم حرمته وهي :
أولا : اللام في قوله تعالى ( ولله ) فهي لام الإيجاب والالتزام .
ثانيا : قوله تعالى ( على ) وهذا اللفظ عند العرب من أوكد ألفاظ الوجوب ، فالعربي حين يقول لغيره : لك علي كذا وكذا ، فهو يعني : إيجاب ذلك الشيء عليه لغيره ، وتوكيده عليه ، وإلزامه له
ثالثا : قوله تعالى في نهاية الآية الكريمة ( ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) تغليظ على من ملك الاستطاعة بنوعيها المالي والبدني على الحج ثم لم يحج وتراضى تكاسلا عن أداء هذه الفريضة .
ولهذا قال علماء المالكية : " تضمنت الآية أن من مات ولم يحج وهو قادر فالوعيد يتوجه عليه ، ولا يجزىء أن يحج عنه غيره ، لأن حج الغير لو أسقط عنه الفرض ، لسقط عنه الوعيد ." وقال سعيد بن جبير : " لو مات جار لي وله ميسرة ولم يحج لم أصلّ عليه " .
ولعل في قول المالكية وسعيد بن جبير ، مبالغة ، لحث القادر على الحج أن يحج إذا ملك الاستطاعة ، وإن كان لقولهم ما يدل عليه ويستأنس به .
المسألة الثانية : والحج فريضة من فرائض الإسلام ، وركن من أركان الدين ، وأحد قواعده التي بني عليها ، دل على ذلك الآية الكريمة التي نتدارسها ، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، منها قوله عليه الصلاة والسلام في حديث البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والحج ، وصوم رمضان ) .
المسألة الثالثة : الحج يجب مرة واحدة في العمر على المسلم . وأما ما روي أنه يجب على المسلم كل خمسة أعوام مرة ، فلا يصح ، لأن الحديث الذي استدلوا به لا يصح وباطل ، ولأن الإجماع على وجوبه مرة في العمر . قاله القرطبي
ومن الأدلة على وجوبه مرة في العمر أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا له : يا رسول الله ، أحجنا كعامنا هذا أم للأبد فقال : ( لا بل للأبد ) رواه مسلم وأحمد وابن ماجة .
المسألة الرابعة : ولا يجب الحج إلا على المسلم المكلف ، وهو المسلم البالغ العاقل المستطيع والحر
والاستطاعة تشتمل ثلاثة أمور وهي :
أولا : الاستطاعة البدنية .
ثانيا : الاستطاعة المالية وهي ملك الزاد والراحلة
ثالثا : أمن الطريق
رابعا : المحرمية بالنسبة للمرأة
المسألة الخامسة : وبناء على شروط وجوب الحج التي ذكرتها في المسألة الرابعة ، تتفرع عدة مسائل منها :
أولا : المريض الذي لا يرجى برؤه ، والشيخ الفاني الذي لا يثبت على الراحلة ،يسقط عنهما وجوب الحج بالنفس ، وينيبان عنهما من يحج لهما إذا ملكا الاستطاعة
ثانيا : يشترط في المال الذي يملكه الحاج للزاد والراحلة ، أي لسفره للحج ، أن يكون :
واما الطيب في الثوب فغير مستحب للمحرم، لكن لو طيب المحرم ثوبه جاز، بشرط ان يستمر في لبسه ولا ينزعه، ولو خلع ثوبه المطيب ثم عاد ولبسه تلزمه الفدية، للبسه ثوبا مطيبا بعدما احرم.
رابعا: واما المرأة فيستحب لها الاختضاب.
خامسا: لبس ازار ورداء ونعلين، ولا يلبس المخيط، ولا بد ان يكون الازار والرداء ساترين لعورته.
سادسا: صلاة ركعتين قبل احرامه، لان النبي صلى الله عليه وسلم صلى بذي الحليفة ركعتين قبل احرامه.
سابعا: اذا انهى المحرم صلاة الركعتين يقول: اللهم اني اريد الحج او العمرة، فيسره او يسرها لي، وتقبله او تقبلها مني. يعني يخصص النسك الذي يريد، ويدعو الله بالقبول والتيسير.
المسألة التاسعة: فالمحرم يحدد نوع الاحرام الذي يريده، وهو واحد من ثلاثة انواع وهي:
النوع الاول: التمتع: وهو ان ينوي العمرة ثم يؤديها اذا وصل مكة المكرمة، ويتحلل، وفي اليوم الثامن من ذي الحجة يحرم بالحج.
النوع الثاني: القرآن: وهو ان يحرم بالحج والعمرة معا، وتدخل اعمال العمرة في الحج.
النوع الثالث: الافراد، وهو ان يحرم للحج فقط، ويجوز له بعد اداء مناسك الحج ان يحرم بالعمرة ان شاء.
المسألة العاشرة: ويجوز للمحرم الاحرام بأي نوع من هذه الانواع الثلاثة، وقد اختلف الفقهاء اي انواعها افضل، وأرى ان من ملك القدرة المالية ان ينوي التمتع، لمكان اهراق الدم عند الله تعالى، وايضا للتخفيف عنه بالتحلل من العمرة، والاح رام بالحج في اليوم الثامن من ذي الحجة.
المسألة الحادية عشرة: المفرد بالحج لا يجب عليه هدي دم، اما التمتع فيجب عليه ويلزمه الهدي، ومن لم يجد الهدي، او لم يقدر عليه، فيجب عليه ان يصوم ثلاثة ايام في الحج، وسبعة ايام اذا عاد الى داره، لقوله تعالى فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام في الحج وسبعة اذا رجعتم تلك عشرة كاملة.
المسألة الثانية عشرة: واذا احرم الحاج او المعتمر شرع في التلبية، وهي سنه، لان النبي صلى الله عليه وسلم اهل ملبيا، ولانها ذكر من الاذكار.
المسألة الثالثة عشرة: وصيغة التلبية هي: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، ان الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، ولو زاد عليه وقال: لبيك عدد التراب، لبيك ذا المعارج لبيك، له الحق لبيك، جاز للمحرم ذلك، لان هذا مروي عن بعض الصحابة رضي الله عنهم.
المسألة الرابعة عشرة: ويستحب للمحرم التلبية في كل منازله، وان يرفع بها صوته، وان يصلي على الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وان يدعو ربه بالغفران له، والتوبة عليه، وان يدخله الجنة، وان ينجيه من عذاب النار. والمرأة كذلك الا انها لا ترفع صوتها بالتلبية.
المسألة الخامسة عشرة: وينهي المحرم التلبية حين يرمي اول جمرة من جمرات العقبة، هذا المفرد والقارن، اما المتمتع فينهي التلبية عند بدء الطواف للعمرة، ثم يعود اليها في اليوم الثامن من ذي الحجة حين يحرم بالحج، ويقطعها ببدء رمي اول جمرة من جمرات العقبة.
المسألة السادسة عشرة: وحين يصل المحرم مكة المكرمة، يدخلها بسكينة وبخشوع، ويدخل المسجد الحرام من باب السلام، اقتداء بالرسول عليه الصلاة والسلام، ويدعو قائلا: الله انت السلام، ومنك السلام، حينا ربنا بالسلام، اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما وبرا. ثم يشرع بالطواف الذي سأذكر احكامه في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى.
0 التعليقات:
إرسال تعليق