من فقه القرآن : الإصلاح
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
استاذ الفقه المقارن/ جامعة القدس
قال الله تعالى : ان الله لا يصلح عمل المفسدين «يونس »٨١ فقه هذه الآية الكريمة، وما يتعلق بالاصلاح من خلال آيات اخرى، نذكره في المسائل الآتية:
المسألة الاولى: الاصلاح هو البيان، ونقيضه الفساد، وقد ارسل الله الرسل للاصلاح، الذي هو فعل الطاعة واتباع الهدى، فكل ما يمنع من الفساد والمعاصي هو صلاح واصلاح، قال شعيب عليه الصلاة والسلام واصفاً نفسه ودعوته ان اريد الا الاصلاح ما استطعت.
المسألة الثانية: يقابل الصلاح في القرآن الكريم كل عمل فيه اضرار وأفساد بالافراد والمجتمعات والبيئة كما في قوله عز وجل ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها.
المسألة الثالثة: ويقابل الاصلاح ايضاً السيئات وارتكابها، كما في قوله تعالى خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً.
المسألة الرابعة: وأخبر القرآن الكريم ان الله لا يحب الفساد ولا يرضاه من العباد ولا يقبل للعبد فعل السيئات ولا يرتضيها منه، فهو يحاربها ويقضي عليها، كما قال ان الله لا يصلح عمل المفسدين.
المسألة الخامسة: والأصل في كل مسلم ان يكون رأساً في الصلاح والاصلاح، لان الله خلقه داعية الى دينه، امراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، وهو في ذلك متبع لا مبتدع، يتبع الرسل في نهجهم ودعوتهم، وكل مسلم بهذا يكون صالحاً في نفسه، مصلحاً لما حوله، من انسان ومجتمع وبيئة.
المسألة السادسة: وحتى يكون المسلم مصلحاً لما حوله، ينبغي له ان يستقيم على احكام الشرع ، قال الله تعالى يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم.
المسألة السابعة: وقد رتب الله تعالى على الصلاح والاصلاح الحياة الآمنة والسعيدة في الدارين الدنيا والآخرة، يقول الله تعالى الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن ..؟ والآيات كثيرة في ثواب من آمن وعمل صالحاً ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا.
المسألة الثامنة: ومن ميادين الصلاح المجتمع وافراده، وانهاء النزاعات بينهم، والقضاء على الخصومات بين المتخاصمين فأصلحوا بين اخويكم وان امرأة خافت من بعلها نشوزا او اعراضا فلا جناح عليهما ان يصلحا بينهما صلحا والصلح خير.
المسألة التاسعة : والصلاح يكون باتباع الدين واحكامه من غير ابتداع فيها مع مصاحبة الاخلاص للاعمال والاقوال، والاصلاح يكون باتباع احكام الشرع، ولا يجوز لاحد ان يحاكم الى عرف او حكم يتعارض مع الاحكام الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة والاجماع، فلا بد من طاعة الله والرسول عند الاختلاف وحين الاصلاح، كما قال الله عز وجل:يسألونك عن الانفال قل الانفال لله والرسول فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم واطيعوا الله ورسوله ان كنتم مؤمنين.
المسألة العاشرة: - ان الصلاح والاصلاح سببان في اعزاز المسلمين، وسيادتهم على الامم وارتفاع شأنهم في الارض، وعلو منزلتهم عند الله عز وجل ولهذا فالمسلمون الصالحون والمصلحون ربما يرون بالدعاء لربهم قائلين: «اللهم اجعلنا مفاتيح خير، مغاليق شر.
المسألة الحادية عشرة: وان اصلاح المجتمع يكون بدعوته الى الرجوع الى الاسلام، سيكون حلا لكل مشكلاتهم، واساسا يوجه اعمالهم وافعالهم.
المسألة الثانية عشرة: والاصلاح الفردي يكون باخراج الفرد من الاعتقادات الفاسدة والباطلة الى عقائد الاسلام الصحيحة، وتطهير نفسه من الاعراف والعادات والتقاليد المخالفة لاحكام الدين! والتخلي عن الجاهلية ورواسبها والذين يمسكون بالكتاب واقاموا الصلاة انا لا نضيع اجر المحسنين!.
المسألة الثالثة عشرة: وان الله عز وجل اخبر ان الشيطان عدو لنا، وامرنا ان نتخذه عدوا، والواجب على كل مسلم ان يشهر سلاح الايمان والطاعة لله والتقوى والاخلاص والصبر ليحارب الشيطان وهواه وشبهاته وتضليلاته التي تؤدي الى الفساد والافساد، والى ارتكاب المعاصي والسيئات. وان محاربة الانحرافات العقائدية والاخلاقية والاجتماعية واجب شرعي على كل مسلم قادر على ذلك!.
المسألة الرابعة عشرة- وان الله عز وجل سيمني على اهل بيت المقدس قريبا بظهور من يأخذ بأيديهم الى الصلاح والاصلاح من خلال مجلس لحمائل بيت المقدس تم الاعداد لتشكيله وتكوينه ليمنع الاعتداء على الانفس والاموال والاعراض والاخلاق، وقد اكدت الحمائل في هذه الارض المقدسة حبها للاصلاح والصلاح من خلال مسارعتها الى اختيار مندوب عليها مثلها في هذا المجلس! ومن تأخر فأمامه الطريق لا يزال مفتوحا!. فمرحبا بالمصلحين والصالحين من اهل هذه الارض الطيبة المباركة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق