من فقه القرآن
- مظاهر الاستقامة
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
أستاذ الفقه المقارن/ جامعة القدس
عضو الهيئة الإدارية لهيئة العلماء والدعاة في فلسطين
قال الله تعالى: (فَاسْتَقِمْ كَمَا
أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ,وَلاَ تَطْغَوْا,إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)
سورة هود 112
فقه الآية الكريمة وفوائدها في
المسائل الآتية:
المسألة الأولى : في الآية الكريمة أمر بالاستقامة,ونهي عن الطغيان,وإخبار عن صفة من
صفات الله تعالى وهي (البصير) وصفاته عز وجل صفات الكمال المطلق.
المسألة الثانية : وإخبار الله عند ذاته بأنه بصير,تخدير
للمأمورين في الآية من العدول عن الاستقامة إلى الطغيان المنهي عنه فيها,كي تظل
الاستقامة منهجهم,والعدول عن الطغيان رائدهم.
المسألة الثالثة : والخطاب في الآية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم,ولغيره من
المسلمين,ويحتمل أن يكون الخطاب له صلى الله عليه وسلم والمراد منه أمته.. وعلى كل
حال,فان كل مكلف من امة محمد صلى الله عليه وغيرهم مخاطب,بهذين الشيئين,الأمر
بالاستقامة,والإنتهاء عن الطغيان,لان محمداً صلى الله عليه وسلم هو رسول إلى الناس
كافة.
المسألة الرابعة : وقد يكون المراد من قوله تعالى: (فاستقم) طلب الدعاء بالثبات على
الدين,والإعانة على إقامته والعمل بأحكامه,وفي هذا تأديب لكل عبد مسلم,أن يلجأ إلى
الله عز وجل في أحواله كلها,لإعانته على الثبات على الحق,وحمايته من الطغيان بكل
ألوانه.
المسألة الخامسة : والسين في قوله تعالى (فاستقم)
على المعنى السابق (الدعاء) تكون للطلب,كما يقول القائل: استغفر الله والمعنى :
اطلب الغفران منه.
المسألة السادسة : والاستقامة لغة تعني : الاستمرار في جهة واحدة من غير اخذ في جهة
اليمين والشمال,فالطريق المستقيم هي الطريق التي لا اعوجاج فيها ولا التفاف نحو اليمين والشمال.
المسألة السابعة : والاستقامة في المفهوم الشرعي هي: امتثال أوامر الله,واجتناب نواهيه,وقد
روى مسلم في صحيحه عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال : قلت : يا رسول الله قل لي في
الإسلام قولاً لا اسأل عنه أحدا بعدل قال : (قل آمنت بالله ثم استقم).
المسألة الثامنة : ومن الاستقامة الإتباع وترك الابتداع,لان الدين أتمه الله (اليوم
أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) بالمبتدع كأنه يدعي
نقصان الدين وهي يريد إتمامه..والإتباع هو
الاستقامة على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فيما ترويه عن السيدة
عائشة,رضي الله عنها (من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد).
المسألة التاسعة : والطغيان يتنافى تنافياً تاماً وكاملاً مع الاستقامة,ولهذا جاءت
الآية الكريمة بطلب الاستقامة.والتحذير من الطغيان والنهي عنه,والطغيان هو: مجاوزة الحد في الكفر أو الضلال والمعاصي والإسراف في
الظلم,بالاعتداء على الأنفس والأموال والأعراض.
المسألة العاشرة : ومن الاستقامة عدم الركون إلى الظالمين الطاغين,والركون واليهم قد
يكون بالقول و بالعمل وهذا ضد الاستقامة,وقد قال الله تعالى: (ولا تركنوا إلى
الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من ولي ولا نصير).
المسألة الحادية
عشرة : قوله تعالى : (ومن تاب معك) أي استقم أنت والصحابة
الذين تابوا معك من الشرك..والخطاب يعم من جاء بعدهم من التابعين واتباعهم...
0 التعليقات:
إرسال تعليق