من فقه القرآن
الوضوء
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
استاذ الفقه المقارن/ جامعة القدس
المسألة الاولى:
الوضوء للصلاة فرض لمن وجد الماء، باجماع العلماء من غير خلاف، فلا تصح الصلاة الا
بوضوء لمن وجد الماء، لقوله تعالى: اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا.. الآية
المسألة الثانية:
والوضوء عبادة شرعها الله تعالى لتكون مفتاحاً للصلاة كما جاء في الحديث الشريف:مفتاح
الصلاة الطهور
المسألة الثالثة:
ومن حكمة مشروعية الوضوء، رفع درجات المؤمن عند ربه عز وجل، ومحو الآثام والسيئات عنه،
وقد ورد في هذا المعنى احاديث عديدة منها ما رواه مسلم عن ابي هريرة ان رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: اذا توضأ العبد المسلم او المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة
نظر اليها بعينيه مع الماء او آخر قطر الماء، فاذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كانت
بطشتها يداه مع الماء او مع آخر قطر الماء فاذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة كان مشتها
رجلاه مع الماء او مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقياً من الذنوب.
المسألة الرابعة:
وفضيلة الوضوء في محو الآثام وانما هي خاصة في الصغائر اما الكبائر فلا بد لها من توبة،
ثم انظر يا اخي، كيف يكون الوضوء لوحده سبباً في تكفير الصغائر، فكيف اذا صحبته الصلاة
مع عظم اجرها وفضائلها فكيف يجهل مسلم ويترك الصلاة التي مفتاحها الوضوء والذي هذه
جملة من فضائله عدا عن فضائل الصلاة؟
المسألة الخامسة:
والوضوء أصل من أصول ديننا وطهارة لنا نحن المسلمين وخصوصية لنا من دون الخلق أجمعين،
فاحرص على هذا الأصل
المسألة السادسة:
والآية مناط الحلقة، وهي يا ايها الذين آمنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا .. داخلة
فيما امر الله به المسلمين قبلها من وجوب الوفاء بالعقود واحكام الشرع، وفيما ذكر من
اتمام النعمة علينا، وذلك في الآيات الاوائل من سورة المائدة
المسألة السابعة:
وقوله تعالى اذا قمتم الى الصلاة يعني اذا اردتم القيام الى الصلاة، وهذا نظير قوله
تعالى فاذا قرأت القرآن فاستعذ اي: اذا اردت تلاوة القرآن الكريم، وهذا هو المعنى الصحيح،
للاية، لان وضوء المسلم حالة قيامه الى الصلاة غير مستطاع.
المسألة الثامنة:
وللعلماء اقوال في قوله تعالى اذا قمتم الى الصلاة وهذه الاقوال هي:
1-
ان هذا لفظ عام في كل قيام
الى الصلاة، للذي على طهارة وللمحدث، فعليه ان قام على الصلاة الوضوء، وهذا ذكره «الدارمي
» في مسنده وروي مثله عن عكرمة وكان علي بن ابي طالب يفعله، وكذلك كان الخلفاء
الراشدون يتوضأون لكل صلاة كما قال ابن سيرين. قال القرطبي: «فالاية على هذا القول
محكمة لا نسخ فيها0
2-
ان الامر في الاية الكريمة يخص الرسول صلى الله عليه وسلم دون باقي
المسلمين، وقد قال عبد الله بن حنضلة الغسيل ان النبي صلى الله عليه وسلم امر بالوضوء
عند كل صلاة، فشق ذلك عليه، فامر بالسواك ورفع عنه الوضوء الى حين حدث وقال علقمة بن
الضغواء عن ابيه عن هذه الاية: انها نزلت رخصة للرسول صلى الله عليه وسلم لانه كان
لا يعمل عملا الا وكان متوضأ فاعلمه الله بهذه الاية ان الوضوء انما هو للقيام الى
الصلاة فقط دون غيرها من الاعمال.
3-
المراد من الآية هو الوضوء لكل صلاة طلباً للاجر والفضل وان الامر
فيها محمول على الندب لا على الوجوب، وكان كثير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
يفعلونه، اي يتوضأون لكل صلاة طلبا للاجر قال القرطبي «وظاهر هذا القول ان الوضوء لكل
صلاة قبل ورود الناسخ كان مستحبا لا ايجابا وليس كذلك، فان الامر اذا ورد مقتضاه الوجوب،
لا سيما عند الصحابة رضوان الله عليهم.
4-
ان الفرض في كل وضوء كان لكل صلاة، ثم نسخ في فتح مكة وهذا قول
غير صحيح، لان سيدنا انس رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل
صلاة، وان امته كانت على خلاف ذلك، فعلى هذا القول الصحيح لم يكن قبل فتح مكة يفرض
على المسلمين الوضوء لكل صلاة.
5-
وهذا القول مروي عن السري
وزيد بن اسلم، ان معنى الاية اذا قمتم الى الصلاة اي من النوم وتركتم مضاجعكم، وعلى
هذا القول الاية فيها تقديم وتأخير والتقدير فيها هو: يا ايها الذين امنوا اذا قمتم
الى الصلاة من النوم او جاء احد منكم من الغائط ..الخ.
المسألة التاسعة:
وقد قال جمهور العلماء : الاية ليس فيها تقديم ولا تأخير ومعناها: اذا قمتم الى الصلاة
محدثين وهذا الحكم لواجد الماء عند هذا المقطع من القرآن الكريم.
المسألة العاشرة:
وبناء على هذه الاقوال السابقة، فلنوال فضيلة اجر الوضوء لا بأس ان يتوضأ المسلم لكل
صلاة ويجدد وضوءه لها وان كان متوضأ ليكون الوضوء سلاحا للمسلم يرفع به درجاته، ويحط
به من سيئاته، ويظل ذاكرا ان له ربا يستعد للقائه في الصلاة من خلال استعداده لها بالوضوء
اللهم ارزقنا الثبات على الطاعات واجتناب التقصير فيها واحفظنا من السيئات يا رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين.
0 التعليقات:
إرسال تعليق