الأحد، 19 مارس 2017
خطبة الجمعة مكتوبة 17/3/2016م أهمية الشباب
خطبة الجمعة
أهمية الشباب
17/3/2016م
الحمد لله حمدا طيبا
مباركا كثيرا كما ينبغي لجلال وجهه ولعظيم سلطانه حتى يرضى ربنا وبعد الرضا وإذا
رضي ...سبحانه هدانا لدينه فله الحمد ...سبحانه جعلنا مرابطين فله الحمد ...سبحانه
رزقنا الغدو والرواح إلى المسجد الأقصى فله الحمد...أنا ماذا أكون أنا ...بلا
أقصاي أو ديني ...لإسلامي أعيش أنا ...
ليحكم في الورى ديني...وصوت مؤذن الأقصى
إلى الفردوس يدعوني... نشهد أن لا اله إلا الله وحدة لا شريك الملك الذي
يدوم ملكه ولا يزول ...الحكم العدل الذي لا يظلم ولا يجور... اللهم إنا رضينا بك
ربا فاشهد ...ورضينا بمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا ونبيا
فاشهد... ورضينا بالإسلام
دينا فاشهد ...ورضينا بالقرآن دستورا ومنهاجا فاشهد... ورضينا بالمسلمين إخوانا
وأحبابا وأنصارا وأعوانا فاشهد ... ونشهد أن محمدا عبد الله ورسوله ...البشير
النذير... والسراج المنير...أمن بالإسلام ودعا إليه شابا وشيخا ...أعزنا الله به
بعد الذلة ... وجمعنا به بعد الفرقة... يا رسول الله اشتد ظمؤنا إلى لقياك وطار بنا الشوق إلى رفقتك في الفردوس
الأعلى ... فارزقنا اللهم سقياه على الحوض ...وارزقنا الاجتماع به في جنات النعيم ...اللهم
صل وسلم عليه وعلى آله الطاهرين... وعلى أصحابه الذين نصروا الدين ...وعلى
التابعين وتابعيهم بإحسان ... وصل اللهم على كل من يشد الرحال إلى المسجد الأقصى
للصلاة فيه ...وصل يا ربنا على كل شاب مسلم مرابط في بيت المقدس وأكنافه إلى يوم القيامة...أما
بعد أيها المسلمون... الشباب في
عصر الصحابة والتابعين أرادوا النصر لدينهم فانتصروا ... وأرادوا العزة لأنفسهم
فعزوا ...لأنهم عرفوا طريقهم وهو اتباع القرآن والتزام هدي الرسول صلى الله عليه
وسلم وتحكيمهما في شؤونهم وواقع حياتهم ... شباب ذللوا سبل المعالي ... وما
عرفوا سوى الإسلام دينا...شباب لم تحطمه الليالي...ولم يسلم إلى الخصم
العرينا...وما عرفوا الأغاني ماجنات... ولا عرفوا التخنث في البنينا... كذلك أخرج
الإسلام قومي...شبابا مخلصا حرا أمينا...أيها المرابطون يا أبناء الإسلام
العظيم ... لماذا بعض شبابنا
اليوم منغمس في الشهوات ويركض وراء الضلالات؟؟؟ لماذا بعض شبابنا يرفض
منهاج الله ويقبل شرائع الإنسان الظالمة ؟؟؟ لماذا بعض شبابنا يضيع هويته الإسلامية
بالولاء للكفار والنفاق في الدين؟؟؟ أما آن أن يكون فينا شباب كمصعب بن عمير ذلك
الشاب الوسيم الذي ترك الغني والدلال ليحمل الإسلام على عاتقه ؟؟؟أما آن أن يكون
فينا شباب كأسيد بن خضير ذلك الشاب الذي حفّته الملائكة وهو يتلو كتاب الله تعالى
؟؟؟ وعبد الله بن الزبير ذاك الشاب الصوّام القوام
!!!أنسيتم أيها
الشباب أنكم عماد ديننا ... وأمل أمتنا.. بكم نصول وبكم نجول ...وبكم ننهض من كبوتنا... ونقوى بعد ضعفنا ...ونعز بعد ذلنا ...فالله
الله في إسلامكم... الله الله في شعبكم وأرضكم وقدسكم وأقصاكم وشعائر دينكم !!! فصلاح
الدين شاب هزم الصليبين ...وقطز شاب دحر التتار... ومحمد بن القاسم الثقفي شاب فتح
السند ... أيها المؤمنون ...يرفع العالم اليوم بيد واحدة سكّينه على الإسلام ...ويضعها على
جيده ليذبحه من الوريد إلى الوريد ... بحجة أن الإسلام إرهاب وهم صنّاع الإرهاب ،
يقتلون المسلمين ويسجنوهم ويطاردوهم
ويدمرون بيوتهم ...ويفسدون في الأرض ويعلون بالباطل ،إنهم سبب خراب العالم اقتصاديا
واجتماعيا وسياسيا وتربويا ،إنهم يحاربوننا في شعائر ديننا ،في أذاننا ومساجدنا وصلواتنا
وأقصانا وفي لباسنا الذي ارتضاه الله لنسائنا ... فيا رجال الإسلام ويا شبابه...كونوا
كإبراهيم عليه السلام... ذلك الشاب الفتي الذي حطم الأصنام وأنكر على قومه كفرهم ...وقال
لهم بصوت المؤمن الواثق من دينه وربه :"أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم
شيئا أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون"...يا شباب بيت
المقدس وأكنافه... ألا تحبون أن تكونوا كيوسف عليه السلام ...رفض الفاحشة
وهرب منها ...ولجأ إلى ربه داعيا وقائلا:"رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه
وألا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين"... فحذار من التساقط الأخلاقي
يا شبابنا ...فإنه طريق إلى التساقط الأمني... وكلاهما طريق إلى خزي في الدنيا
وعذاب الآخرة... فتمسكوا بدينكم ليصرف عنكم ربكم كيد الكائدين... كونوا يا شباب المسلمين
كموسى عليه الصلاة والسلام فلا تلاحقوا أخواتكم المسلمات ولا تؤذوهن من خلال
الهواتف النقالة وغيرها... حافظوا على أعراضهن
فهنّ أعراضكم وأنتم
من يدافع عنهن ...وهذا
موسى عليه السلام"يغار على فتاتين لأنهما لا تريدان مزاحمة الرجال من أجل
سقيا الماء ..."فسقى لهما ثم تولى إلى الظل وقال رب إني لما أنزلت إلى من خير
فقير"...وأما أنتن أيتها الشابات وأيتها المسلمات ففي عائشة وحفصة وأسماء ومريم
البتول قدوة لكنّ جميعا ...فهذه مريم المرأة الشابة المرابطة في المسجد الأقصى
...والعابدة الطائعة لربها ...الساجدة العفيفة المرضيّة ... امتدحها ربها فقال
فيها:"ومريم انبت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات
ربها وكتبه وكانت من القانتين"...فحاربن التبرج والسفور والخلاعة والمجون..."و
لا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا وقرن في بيوتكن ولا
تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة واتقين الله ورسوله" يا
شبابنا، يا مسلمون... عليكم بالجد والاجتهاد ... حاربوا الميوعة والدعة
والانحلال ،وانشأوا في طاعة الله ... واهرموا في عبادته...فمن نشأ في طاعة
الله في الدنيا كان في ظله يوم
القيامة،واجعلوا استمتاعكم بشبابكم وحياتكم بقراءة القرآن وطاعة ربكم ... نريدكم
كمؤمن آل فرعون رجل قام بواجبه ...وأنكر
طغيان فرعون وجنوده ، وقد جاء في الحديث الشريف:" يعجب ربك من شاب ليس له
صبوة" ... وقد أمرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن نغتنم خمسا قبل خمس وذكر
منها:"وشبابك قبل هرمك"...لأن فترة الشباب من أوائل ما يسأل عنه المرء
يوم القيامة فقد قال صلى الله عليه وسلم:"لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى
يسأل عن أربع وذكر منها "وعن شبابه فيم أبلاه" فتذكروا أنكم موقوفون بين
يدي رب عظيم يسأل عن الكثير والقليل ...والكبير والصغير... فأدوا ما عليكم تجاه
دينكم وأمتكم ومجتمعكم ......واعرفوا مكانتكم فالزموها ...
عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال :كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال:"يا غلام إني أعلمك
كلمات احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة واعلم أن ما أخطأك
لم يكن ليصبك وما أصابك لم يكن ليخطئك واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب
وأن مع العسر يسرا"...اللهم اهد شباب المسلمين ...اللهم حبب إليهم الإيمان
وزينه في قلوبهم... وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان إنك أنت العليم الحكيم...
اللهم احفظ شبابنا بحفظك وارعهم برعايتك واكلأهم بعنايتك ...واحرسهم بعينك التي لا
تنام فإنك أنت خير حافظا وأنت ارحم الراحمين...وأنتم يا عباد الله استغفروا الله
فإنه غفور رحيم وادعوه وأنتم موقنون بالإجابة...
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ، لا ربّ لنا سواه ، ولا نشكو ضعفنا إلاّ له ، اللهم أنت
حسبنا ومولانا ونعم الوكيل ، نشهد أنك لا
إله إلا أنت ، سبحانك إنا تبنا إليك ، وإنا من المسلمين ، ونشهد أن محمدا عبدك ورسولك ، اللهم صل وسلم عليه
وعلى آله كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ،اللهم وبارك على محمد وعلى
آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ،أما
بعد:.. يا مسلمون يا مؤمنون...إن شعبنا الفلسطيني... في أمس الحاجة
إلى ترتيب بيته السياسي والاجتماعي والتربوي في ظل الهجمة المبرمجة والشرسة التي
يتعرض لها ، فرتبوا
بيتكم الفلسطيني ...على اتباع شرع الله ...وعلى
الوحدة والاعتصام بحبل الله المتين... وتمسكوا بثوابتكم التاريخية والدينية ،
فالقدس أرض عربية إسلامية ، والمسجد الأقصى لا حق لغير المسلمين فيه ، فالله سماه
في القرآن مسجدا ، وأمر ببنائه مسجدا للمسلمين
قبل أن يكون على هذه الأرض أحد من اليهود ...واليهود الذين عاصروا النبي
صلى الله عليه وسلم يعترفون أن المسجد الأقصى
للمسلمين فعندما تحولت القبلة منه إلى المسجد الحرام قالوا :" ما ولاّهم عن
قبلتهم التي كانوا عليها"،فكيف يدعون اليوم غير ذلك ...ولهذا وعد الله من يعتدي على المسجد الأقصى
بالخزي والعار والعذاب فقال سبحانه:" ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر
فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا
خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم "...يا مرابطون...إن المسجد الأقصى والقدس من
أهم ثوابتنا الدينية والتاريخية ولا
نرضى المساس بهذه الثوابت أو التفريط فيها...
وإن الأذان شعيرة من شعائر الإسلام...وفريضة من فرائض الدين ...يجب على المسلمين
إظهارها وإعلانها والحفاظ عليها تعبدا لله تعالى... والأذان يزعج الشياطين ويخيفهم
... وأما من يؤمن بالله فلا يزعجه الأذان ولا يخيفه ...وإن المسلمين على هذه الأرض
يزعجهم كل ضلال وباطل ومنكر وشر ويرجون رحيله وانصرافه... وإن المسلمين على هذه
الأرض يزعجهم ولا يرضيهم ...كل تدخل سافر
في مناهجهم التعليمية وحياتهم الدراسية...فنحن لنا قيمنا وثقافتنا ومنهاجنا ولا
نسمح لغيرنا التدخل فيه ..وقبل ذلك وبعده فإن كل تدخل من الاحتلال في شؤون المسجد
الأقصى... في أبوابه وفي رحابه الطاهرة
وفي كل جزء منه ... نرفضه ولا نرضاه ونستنكره ... ونستنكر ولا نرضى الاقتحامات
اليومية الاستفزازية ...
ونستنكر
منع دائرة الأوقاف من القيام بأعمال
الترميم والصيانة ... ونطالب الأمتين العربية والإسلامية بالعمل الجاد على منع
الاعتداءات على المسجد الأقصى وعلى موظفيه ...وبالقيام بواجبهم الديني والتاريخي
والسياسي تجاه قبلتهم الأولى ونقول لهم كفاكم خذلانا لقدسنا وأقصانا ... أيها
المسلمون يا شبابنا... حافظوا على
وجودكم وثباتكم ... والزموا الصلاة في المسجد الأقصى ...وكونوا يدا واحدة ولا
تتفرقوا ..." ... إياكم من الاقتتال أو الانشغال بأنفسكم..الوحدة الوحدة على
نهج الله وشرعه وكونوا كما أمركم رسولكم صلى الله عليه وسلم أن تكونوا عباد الله
إخوانا ...فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه "...فاللهم ألف
بين قلوبنا ، وأصلح ذات بيننا ، واجمع على الحق صفنا ، اللهم نفس كرباتنا وكربات المسلمين في كل مكان ، في سوريا والصومال وبورما
وفي كل البلدان ، اللهم أنت حسبنا وحسب أقصانا ونعم الوكيل ، اللهم اجعل بلاد الشام
عامرة بالإسلام والمسلمين ، وأخرج منها الظلم والظالمين ، واجعلنا من أوليائك وعبادك
الصالحين ، اللهم اجعل لنا ولكل المسلمين من كل ضيق فرجا ، ومن كل همّ مخرجا ، ومن
كل بلاء عافية ، يا ربنا يا الله أتمم علينا
وعلى ذرارينا نعمة الرباط في المسجد الأقصى ،واحفظ لنا قدسنا وأقصانا من
اعتداء الظالمين ،اللهم رد كيدهم إلى نحورهم ، واجعل هزيمتهم وزوالهم في تدبيرهم
،اللهم كن مع الأسرى والمحاصرين ، أطلق سراحهم وفك حصارهم ، اللهم واغفر لنا
ولوالدينا ولمن لهم حق علينا ، ولإخواننا ولأخواتنا ولأبنائنا ولزوجاتنا ولبناتنا ولموتانا وموتى المسلمين ، وارزقنا حسن الخاتمة ،
وأدخلنا جنات النعيم ، وأنت يا أخي الكريم
يا مقيم الصلاة أقم الصلاة ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله
يعلم ما تصنعون ).
أعلى النموذج
أسفل النموذج
من فقه القرآن : عقد النكاح (1)
من فقه القرآن
عقد النكاح (1)
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك
الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس
قال الله تعالى:"وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ" سورة البقرة(221)
فقه الآية الكريمة وفوائدها في المسائل الآتية :
المسألة الأولى: الآية الكريمة فيها نهيان يتعلقان بنوع واحد من الأنكحة وهو النكاح من المشركين والمشركات ، وفيها إغراء لمن يرغب في نكاح المشركات أو ترغب في نكاح المشرك بخيرية المسلم والمسلمة على غيرهما من أهل الشرك ، وبيان عواقب هذه الخيرية وهي الفوز بالمغفرة والجنة ببناء الأسرة على اتباع أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه ، و الخطاب في بداية الآية الكريمة للمسلمين وأما في نهايتها فشمل الناس جميعا لأنها تتحدث عن علاقة المسلم والمسلمة بغيرهما من غير المسلمين ، فجاءت تبيانا لحكم نكاح المسلم للمشركة أو نكاح المسلمة للمشرك وتذكيرا لهم جميعا كي يعرفوا ما ينفعهم وما يضرهم في الدين والدنيا والآخرة .
المسألة الثانية:والآية الكريمة تنهى عن نكاح المسلم المشركة ونكاح المسلمة المشرك ، والمقصود بالنكاح هنا "عقد الزواج" لآن لفظ النكاح في لغة العرب يطلق على العقد على المرأة فهو حقيقة في العقد، وبعض الفقهاء أطلقه على الوطء كالشافعية ولكنه قول ضعيف ، فهو يستعمل في الوطء كناية ،وورد لفظ النكاح في القرآن بمعنى العقد ، وحتى في قوله تعالى :" فإن طلقها فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره " وهو هنا المطلقة ثلاثا التي لا يحل لمطلقها الزواج منها ثانية إلا بعد الزواج من آخر ووطئها فإن لفظ النكاح هنا بمعنى العقد وليس الوطء وأما شرط البناء بالزوجة حتى تحل لمطلقها إن طلقها الزوج الثاني فهذا بينته السنة النبوية حين قال النبي صلى الله عليه وسلم :" لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك ".
المسألة الثانية: وعقد النكاح له أحكامه وآثاره ،ومن الأمور التي ينبغي التنبيه لها هنا ما يلي: أولا: أن عقد النكاح يفرق بينه وبين السفاح فأي علاقة بين رجل وامرأة من غير عقد تكون سفاحا أي زنا ،ثانيا: إذا كان العقد غير صحيح فهو عقد باطل أو فاسد ، أما العقد الباطل فينبغي التفريق بينهما قبل الدخول وبعده ولا تترتب عليه آثاره قبل الدخول وبعده ، وأما العقد الفاسد في النكاح فيفرق بينهما لكن إذا حصل به دخول ترتبت عليه بعض الآثار مثل ثبوت نسب الولد ، ووجوب العدة على المرأة ، وحرمة المصاهرة ، واستحقاق المرأة للأقل من المهر المسمى أو مهر المثل ،ثالثا:ويكون العقد باطلا في حالات منها : أن يتزوج المسلم بغير كتابية وهو ما نصت عليه الآية التي بين أيادينا،وأن تتزوج المسلمة بغير المسلم لقول الله تعالى :" لا هن حل لهم وهم يحلون لهن" ، ومن حالات العقد الفاسد زواج المتعة والزواج المؤقت ، رابعا : الخطبة من غير عقد تعتبر وعدا ولا تعتبر عقدا وهذا ما يتغافل عنه الناس أو يجهلونه فيتعامل الخاطب مع مخطوبته غير المعقود عليها كأنها زوجته فيخلوا بها ويسافر معها وهذا كله منكر عظيم لأن المخطوبة من غير عقد أجنبية عن خاطبها لا يحل له منها شيء لا نظرة ولا خلوة ولا سفر معها ولا غير ذلك ، ولهذا فإن ما يسمى حفل الخطوبة الذي يقوم به الناس من غير عقد هو من أكبر المنكرات وهو كله مقدمات للزنا فالخاطب يجلس مع خطيبته على المنّصة وهي متبرجة ويرقص معها وغير ذلك أمام الناس والناس يصفقون ويغنون ويرقصون وكل ذلك لا يحل وحرام كيير وعلى الناس أن ينتهوا عنه ،خامسا: وإذا عقد الرجل على المرأة عقدا صحيحا وقبل العرس "الدخلة" خلا بها خلوة صحيحة ثم طلقها فإنها تستحق كامل المهر والنفقة وعليها أن تعتد بمجرد الخلوة الصحيحة وإن لم يحدث بينهما "جماع" أو مقدماته ، فعلى الناس أن يفقهوا هذا الحكم الشرعي ، وعلى الخاطب العاقد على مخطوبته ألا يتعجل بالخلوة بها لما ينبني على هذه الخلوة من الأحكام السابقة ، حيث قضت سنّة الخلفاء الراشدين المهديين أن من أغلق بابا وأرخى سترا فقد وجب المهر والعدة والنفقة، سادسا: والخلوة الصحيحة هي" أن يجتمع الخاطب بمخطوبته التي عقد عليها في مكان يأمنان من اطلاع الغير عليهما ولا يمنع فيها مانع من الوطء طبعا ولا شرعا".
المسألة الثالثة: والمرأة لا تستحق المهر إلا بالعقد الصحيح أو الفاسد كما ذكرنا سابقا ، ولهذا لو عدل الخاطب عن الخطبة أو عدلت المخطوبة عنها ولم يكن عقد زواج بينهما وكان الخاطب دفع لها شيئا على حساب المهر فإن عليها أن ترده إليه كله ، وأما هدايا الخطبة فلا ترد إن كان العدول من الخاطب ،وترد الهدايا إلى مخطوبها إن كان العدول منها .
المسألة الرابعة:ومما يحزن القلب ما نراه من الخلاف بين الناس إذا أرادوا إنهاء الخطبة فيطالبون بأشياء حقيرة ويقفون عند أشياء لا ينبغي الوقوف عليها وكأن أهل الخاطبين في معركة مصيرية حياة أو موت ،مع أنهم كانوا قبل الخلاف في محبة وود ، وهذه ليست أخلاق المسلمين ولا عاداتهم ، والمصاهرة قرابة وفي المثل الفلسطيني عندنا " كن نسيب ولا تكن قربب" فلماذا ينسى الناس هذا المثل عند أول خلاف ؟!!
المسألة الخامسة : وعقد النكاح يجب أن يكون صادرا عن الجهة الرسمية في الدولة وهي عندنا المحاكم الشرعية ، وفيه حفظ لحقوق الزوجة وكرامتها وسمعتها وللأولاد، ولا ينبغي لولي امرأة أو امرأة أن يجهلان فيعقدان خارج الحدود الرسمية للعقد .
المسألة السادسة : وقد انتشرت في زماننا أنكحة عديدة هي في جملتها باطلة وينبغي الحذر منها والابتعاد عنها لأنها تقيم العلاقات بين الرجال والنساء على السفاح والحرام ، وهي وسيلة من وسائل هدم الأسرة المسلمة وتخريب البيوت الإنسانية.
المسألة السابعة : وينبغي التنبيه إلى أن النظام العالمي الجديد الذي يزعم نصره للمرأة والوقوف إلى جانب حقوقها أنه يعمل على هدم كيان الأسرة الإنسانية حين أصدر في مؤتمراته العالمية قرارات منها أن الأسرة تجمع بين شريكين ، وهذا نسف للأسرة من أساسها لأن شريكين تعني : رجل وامرأة ،أو امرأة وامرأة ، أو رجل ورجل ،وهذا قمة انحطاط الإنسان المعاصر إذا أخذ به ، ونعوذ بالله العظيم من ذلك كله.
والحمد لله رب العالمين