من فقه القران
العفّة أكرم الأخلاق
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك
الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس
قال الله تعالى: (ولما بلغ أشده أتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين).. إلى قوله (إنه من عبادنا المخلصين)... سورة يوسف (22-24)
فقه الآيات الكريمات وفوائدها في المسائل الآتية :
المسألة الأولى : الآيات تتحدث عن يوسف النبي الشاب الكريم ، الذي ينبغي أن يكون قدوة لكل شاب مسلم .
المسألة الثانية : قوله تعالى : ( ولما بلغ أشده) أي : بلغ ثلاثا وثلاثين سنة . والأشد : بلوغ الحلم ، وسن استكمال القوة
المسألة الثالثة : فينبغي لكل شاب مسلم ، أن يعلم أنه في سن الرجولة واكتمال القوة والعقل أنه مسؤول عن ذلك كله في يوم الاخرة ، كما جاء في الحديث الشريف : (لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع .. وذكر منها : وعن شبابه فيم أبلاه)
المسألة الرابعة : (أتيناه حكما وعلما) : والحكم والعلم نعمتان ، يمن الله بهما أو بإحداهما على من يشاء من الشباب التقي النقي الذي يخاف ربه في السر والعلن ، ولهذا ختم الله الآية بقوله ( وكذلك نجزي المحسنين ) أي : الشباب المؤمنين الصابرين .
المسألة الخامسة : وإذا أنعم الله على الشاب المسلم بالعقل والفهم (الحكم والعلم ) وجب عليه استخدامهما في طاعة الله .
المسألة السادسة : قوله تعالى ( وراودته التي هو في بيتها ) : أي امرأة العزيز ، طلبت منه أن يزني بها .
المسألة السابعة : وقد سلكت امرأة العزيز مع يوسف عليه السلام كل سبل الإغواء . فالمراودة هي الطلب برفق ولين ، والمراودة وهي الرفق في طلب الزنا له صور عديدة في هذا الزمان ، تقوم على المكر والخديعة والاحتيال على الفتيات ، فليحذر الشاب المسلم ، وليكن كيوسف عليه الصلاة والسلام .
المسألة الثامنة : ويوسف عليه السلام قابل المراودة وهي أول طرق الإغواء ، بقوله تعالى (معاذ الله ) ! فطلب العون من الله واستجار به .. فالشاب المسلم التقي إذا راودته خبيثة أو فاجرة رجع مباشرة إلى ربه عز وجل واستجار به .
المسألة التاسعة : وثاني طرق الإغواء تغليق الأبواب ، كما فعلت امرأة العزيز (وغلقت الأبواب ) ، وتغليق الأبواب ، يعني تهيئة الفرصة لفعل الفاحشة بالخلوة التي لا يخاف الزاني فيها أحدا لاتخاذ كافة الأسباب في ذلك .
المسألة العاشرة : وقد قابل يوسف عليه السلام طريق الإغواء الثاني هذا ، بقوله ( إنه ربي ) أي زوج امرأة العزيز (أحسن مثواي ) أكرمني . فكيف أخون رجلا في أهله وفي بيته ، وقد أكرمني ، وهذا من مكارم الأخلاق ، فيوسف في الإغواء الأول أعلن خوفه من الله تعالى ، وفي الإغواء الثاني أعلن أنه لا يخون رجلا في بيته ! فيا ليت أصحاب النفوس الضعيفة من الرجال والنساء يتعلمون مكارم الأخلاق والخوف من الله من فعل يوسف عليه السلام وسلوكه .
المسألة الحادية عشرة : وأما طريق الإغواء الثالثة والأخيرة ، فهي فيما فعلته امرأة العزيز وصرحت به حيث قالت ( هيت لك ) ، أي تهيأت وتزينت وتحسنت له ، فهي تحثه على الإقبال إلى مواقعتها بكل جرأة ووقاحة .
وقد قابل يوسف عليه السلام هذا الإغواء بقوله ( إنه لا يفلح الظالمون ) أي الذي يعصي الله بالزنا ظالم ولا فلاح له ولا نجاة .
المسألة الثانية عشرة : والشاب المسلم يقابل إغواء المتبرجات والعاريات من النساء اليوم ، بتذكر أن النظر إليهن ظلم للنفس ، وإذلال لها ، فكيف بمن ذهب إلى أبعد من ذلك ،فحينئذ يكون خاسرا وهالكا .
المسألة الثالثة عشرة : وعلى النساء أي يكن عاقلات ، لا يتبعن الأهواء والشهوات ، وليكن ما فعلته امرأة العزيز درسا للفاسقات منهن ، حيث كان مصير ما فعلته هو الفضيحة في الدنيا ، ثم الندم على تلك الفعلة القبيحة .
والعاقل هو الذي لا يعمل عملا يندم عليه أو يجعل الناس يشيرون إليه بإصبع الاتهام .
المسألة الرابعة عشرة : وقد ورد في الخبر صورة من صور مراودة امرأة العزيز ليوسف ، نوثقها في هذا المقام لفائدة الشباب والشابات ..
فقد ورد أن امرأة العزيز قالت ليوسف : ما أحسن صورة وجهك !
قال يوسف : في الرحم صورني ربي
قالت : ما أحسن عينيك !
قال : بهما أنظر إلى ربي
قالت : ارفع بصرك فانظر في وجهي
قال : إني أخاف العمى في آخرتي
قالت : أدنو منك وتتباعد مني
قال : أريد بذلك القرب من ربي
قالت : يا يوسف المخدع فرشته لك فادخل معي ، فاقضي حاجتي
قال : إذا يذهب من الجنة نصيبي
اللهم احفظ شبابنا وشاباتنا من كل سوء
وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم
0 التعليقات:
إرسال تعليق