خطبة الجمعة
قرار أمريكا بشأن القدس باب الملاحم
22/12/2017م
الحمد لله رب العالمين ... الحق القوي المبين
.. أحمده وأشكره ... وأتوب إليه واستغفره
... وأستعين به وأستنصره ... وأؤمن به ولا أكفره ... سبحانك يا ربنا ...أورثتنا
القدس عقيدة ودينا... وجعلت حقنا الكامل فيها حقا مبينا...فالقدس فينا آية وكتاب
... والحب فيها الواحد الغلابُ...والمسجد الأقصى على وجناتها...قنديل حق تالدٍ
وشهابُ... سبحانك يا ربنا ... جعلتنا ظاهرين إلى يوم الدين فلك الحمد ...يا ربنا
تول أمرنا ... واجبر خواطرنا برفع الظلم عنا ... وانصرنا على من بغى علينا. .. يا
ربنا قلب قلوبنا على دينك وطاعتك ... يا ربنا ثبتنا على الرباط بحولك وقوتك... بك
نصوك ونجول يا ربنا فلا حول ولا قوة إلا بك ... وأشهد أن لا اله إلا أنت وحدك لا
شريك لك ... تعز من تشاء ... وتذل من تشاء ... فأنت العزيز الذي لا يضام ... والقوي ذو
الانتقام ... قلت وقولك الحق:"بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق
ولكم الويل مما تصفون"... ألا ترضون يا مسلمون أن تكونوا من أهل الفردوس
الأعلى؟! ... ألا ترضون أن تكونوا من السابقين المقربين ؟ ...
إذن أطلبوا القرب من
ربكم برضوانه ... واحرصوا على إرضائه بإتباع سنة رسوله وقرآنه... إخوتي في القدس
للجنات قوموا ... إلى عدن على قدم وساقِ...
وشدوا العزم في
الطاعات دوما ... تكونوا المعتلين لكل راقِ
... فما في الجنة الخضراء بؤس ... وليس
بها سوى كأس الدهاقِ ... وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وقرة عيوننا ومهجة قلوبنا محمدا
عبد الله ورسوله ... أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره
المشركون"... اللهم صل وسلم وبارك
عليه... وعلى آله الطاهرين ... وعلى أصحابه المهتدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ...
وعلى سائر الصحابة من الرجال والنساء أجمعين ... وعلى من تبعهم بإحسان ...وعلى كل
من يشد رحاله للصلاة في المسجد الأقصى إلى يوم الدين... يا أهل القدس وأكناف
القدس : أنتم أهل المسجد الأقصى ...
منذ أن بني على الأرض بأمر الله ... ليكون لكم وحدكم من دون الناس ... لتصلوا
وتعبدوا الله فيه ...فأنتم أهل ولايته ... وأنتم أهل عمارته...وأنتم أحق
به عقيدة ودينا وتاريخا وواقعا وسياسة... فبيت
المقدس ... لفظ أطلق ابتداء على المسجد الأقصى ... فهو البيت المطهر ...
والمكان الذي يتقدس فيه ...من خرج منكم من
بيته للصلاة والرباط فيه خرج من ذنوبه
كيوم لته أمه...أيها
المسلمون: وأما المعنى الثاني لبيت المقدس فيطلق على مدينة القدس ... والقدس
عند المسلمين عقيدة ودين ... وهي بأرضها وسمائها ... وشمالها وجنوبها ... وشرقها
وغربها مباركة ...وهي عاصمة قبلة المسلمين ... وعاصمة إسراء رسولهم صلى الله عليه
وسلم ... وهي العاصمة الثالثة لكل مسلم على وجه الأرض يشد إليها الرحال بعد
مكة والمدينة... وبها ترتبط قلوبهم ...
والقدس مباركة بخيراتها وثمارها ... ومباركة لا يعمر فيه ظلم مهما بغى وطال ... ومباركة
بوجود الطائفة الطاهرة فيها على مدى الأجيال.. :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم...
"لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ... لعدوهم قاهرين ... لا يضرهم من
خذلهم ... إلا ما أصابهم من لأواء ... حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك"... وفي
رواية أبي هريرة ... "لا يضرهم خذلان من خذلهم" ... قالوا :يا رسول الله
وأين هم ؟ ... قال :" ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس " ..
وفي رواية ثالثة:... "وهو
كالإناء بين الأكلة"...يا مرابطون ، يا عباد الله: ها هو نبينا صلى
الله عليه وسلم ... يخبر في حديث الطائفة
الظاهرة ... أنكم في بيت المقدس ...لا يضركم خذلان من خذلكم ... من العرب حكاما
وشعوبا ... ومن الأمم التي تكشر عن أنياب عدائها لكم ...فأنتم ثابتون على حقكم ...
ومنصورون بإذن الله ربكم ... رغم الخذلان العربي والعالمي... يا أيها الصابرون
المحتسبون: العالم يسلك مع قضاياكم ... مسلك فرعون حين أراد أن يشغل الناس
عن اتباع موسى عليه السلام ... فقال: ... "يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب...
أسباب السموات والأرض ... فأطلع إلى إله موسى... واني لأظنه كاذبا" ... فشغل فرعون جماهير
الناس ... ببناء الصرح زمانا طويلا ... والعالم منذ عشرات السنين ... بني صرحا
يسمى"مجلس الأمن"... وصرحا يسمى "هيئة الأمم"... وصروحا أخرى
بمسميات عديدة ... من أجل إماتة قضايا
المسلمين المصيرية ... واستذلالهم ... يتخذون قضاياكم دمية يلعبون بها.. وها أنتم
اليوم... تكتوون بنارها كما اكتويتم من قبل ... فهل منعت هذه الصروح الكاذبة سفك دماء المسلمين واستخراب أوطانهم
؟ وهل ردت لكم حقا ؟ أو هل رفعت عنكم ظلما...؟ ومتى كانت عروبة القدس وإسلاميتها تخضع
لقرارات البشر ؟؟ ليس أمامنا وأمام
المسلمين ... إلا أن نكون كمؤمن آل فرعون ... الذي جهر بإسلامه ... ودعا إليه
وتمسك به ... وإن من المبشرات التي بشر بها رسولنا صلى الله عليه وسلم ... أنكم"على
الحق ظاهرين"... أي تتبعون إسلامكم فيما يأمر وينهى ... ولهذا روى البخاري
حديث الطائفة الظاهرة في كتاب "الاعتصام بالكتاب والسنه"... فتمسكوا
بكتاب ربكم فبه خلاصكم ... واتبعوا سنة رسولنا صلى الله عليه وسلم فبها نجاتكم ..
فحفاظكم على القدس والأقصى ... لا يكون إلا بمقدار ما تحافظون على دينكم... "يا
أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون" ........
يا عباد الله ... خذلان العرب والمسلمين لكم ظاهر بين ... يتراوح بين الشجب والاستنكار... وبين الصمت
واللامبالاة ... خذلكم العرب حين جعلوا قضيتنا تخص شعبنا وحده ... وخذلكم العرب
والمسلمون إذ لم يتخذوا قرارا واحدا فاعلا
لنصرتكم ونصرة القدس ... وعند هذا الخذلان العالمي والعربي ... نضرع إلى الله أن
يفضح المنافقين ..وأن يعجل خلاصنا ...وأن
يرفع الظلم عنا ... فهو ولينا ... فنعم المولى ونعم النصير
........ أيها
المسلمون: ... وأخبر النبي صلى
الله عليه وسلم ...أنكم في بيت المقدس وأكنافه ستعيشون في لأواء ... أي في شدة
وكرب ... وأنكم كالإناء بين الأكلة ...وأن ذلك لا يضركم ...فأنتم أهل الصبر
والإيمان ... وأهل العزم والجلد ... ينطبق عليكم قول الشاعر :على قدر أهل العزم
تأتي العزائم... روى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال... :قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ... "لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة"...وأهل
الغرب هم انتم يا أهل بيت المقدس ... فابن حجر... وجمعا للأقوال التي ساقها العلماء لمعنى
"أهل الغرب"... الواردة في الحديث الشريف قال... :"إن أهل الغرب
قوم يكونون ببيت المقدس ... وهي شامية ... ويسقون بالدلو ... ولهم قوة في جهاد
العدو وحدة ... وأنتم كما وصفكم قوم موسى عليه السلام بالقوم الجبارين ... أي
الذين يمتنعون من بالذل والقهر... عباد الله ... يا مسلمون: والقدس وأكنافها ... تشمل كافة فلسطين ...وفي
قول أنها تمتد لتشمل بلاد الشام ... وهي أرض أورثها الله سبحانه محمدا صلى الله
عليه وسلم... بإسرائه إليها ... وبصلاته
إماما بالنبيين فيها ...
وأورثها محمد صلى الله عليه وسلم لأصحابه ...ففتحها
عمر بالحق والعدل ... وأورثها الصحابة للمسلمين إلى أن تقوم الساعة... . وهي قبل ذلك عربية يبوسية كنعانية ... وهي
ميراث العرب والمسلمين كابرا عن كابر لا يملك أحد التصرف فيها...بتنازل أو تآمر
عليها أو بادعاء حق له فيها... أو بتغيرمعالمها الحضارية والدينية والتاريخية
...فكل هذه الاجراءات مرفوضة وباطلة ....وفي هذا المقام نشكر كل من أكد على هذه
الحقائق من دول العالم .. ونحن لها اليوم
وأبناؤنا لها غدا وأحفادنا لها بعد غد ...إلى أن تقوم الساعة...هذا وعد الله
وقراره .. وكل وعد غيره باطل وزائل..."لله الأمر من قبل ومن بعد ...ويومئذ
يفرح المؤمنون بنصر الله ... ينصر من يشاء... وهو العزيز الرحيم ...وعد الله ...
لا يخلف الله وعده...ولكن أكثر الناس لا
يعلمون" ... اللهم إن الأحزاب تحاصر
عبادك ودينك...ولا خندق نتخندق به إلا الإيمان بك والتوكل عليك ... فردهم على أعقابهم خائبين.. وانصرنا عليهم يا
رب العالمين ... وارفع عنا ما نحن فيه من كربات...وارزقنا السعادة في الحياة وبعد
الممات ...أنت ولينا ... وأنت ملاذنا ...يا رب العالمين...عباد الله:
استغفروا الله وتوبوا إليه وأدعوه وأنتم موقنون بالإجابة"...
0 التعليقات:
إرسال تعليق