الاثنين، 2 أبريل 2018
خطبة الجمعة مكتوبة 30/3/2018م الأرض في الإسلام
خطبة الجمعة
الأرض في الإسلام
30/3/2018م
الحمد لله جعل بلادنا
مقدسة مباركة ... وجعل المسجد الأقصى تاجها ودرتها ... وروحها وأنفاسها ... نشهد
أن لا إله إلا الله ... وحده لا شريك له ... اختار لنا أحب الأسماء فقال
": هو سماكم المسلمين" ... وجعل أكرمنا عنده أتقانا له فقال
": إن أكرمكم عند الله أتقاكم"... فجددوا انتماءكم للإسلام ... فلا
انتماء إلا لله ... ولرسوله صلى الله عليه وسلم ... ولدينه ... ولا كرم لنا ... إلا بشرع الله
وتقواه ... ونشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا ...عبد الله ورسوله...قال عن مكة
يوم أخرج منها :" ما
أطيبَك من بلدٍ! ... وما أحبَّك إليَّ!... ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنتُ غيركَ"... اللهم صل وسلم ... على عبدك
ورسولك محمد ... وصل اللهم على آله الطاهرين ... وعلى أصحابه الغر الميامين ...
وعلى التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين...أما بعد ...
التوبة التوبة
يا مرابطون... فالتوبة أول شعار تسيرون
تحته ... للعودة إلى أراضيكم ... والتوبة أول دثار... تحفظون به أعراضكم ...وما
سلط الله علينا عدونا ... ينكل بنا... ويفعل
بنا الأفاعيل...إلا لتفريط البعض منا في عرضه وأرضه ... والعودة إلى الأرض ... لا تكون إلا بالعودة إلى الدين ... والعودة إلى الدين ... تستلزم المحافظة على
الأعراض والعفة والشرف... فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه... يقف خطيبا في بيت المقدس ... في جموع الصحابة
الفاتحين ... فيقول لهم: يا أهل الإسلام ... إن الله تعالى قد صدقكم ... وأورثكم
البلاد...ومكن لكم فيها... فإياكم والمعاصي .. .فالعمل بالمعاصي كفر النعم...وقلما
كفر قوم النعم ثم لم يفزعوا إلى التوبة ... إلا سلبوا عزّهم...وسلط الله عليهم
عدوهم"
... وأنا أقول لكم كما قال عمر : يا أهل الإسلام
... إن الله جعل الأقصى مسجدا للمسلمين ...منذ أن بني على هذه الأرض ... وأورثكم
القدس بالإسراء والمعراج ... وجعلها أول قبلة لكم ... ومع هذا ... فمن المسلمين ... من يقبلون على المعاصي ... ولا يتوبون منها...
ومن المسلمين من لا يعرف ما هو الرباط ... ولا يطرق باب الدين بطاعة من الطاعات
... ويهجم على المعاصي والمنكرات ...لا يذكر جنة ولا ثوابا ... ولا يخشى نارا ولا عقابا
...فمثل هؤلاء قلوبهم ميتة ... ونفوسهم متعلقة بالهوى والشهوات ... أولئك قال الله
فيهم وفي أمثالهم ... "لهم ْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا ... وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا ... وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ... أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ... أُولَٰئِكَ
هُمُ الْغَافِلُونَ" ... فهل بيع العقار والدار للأعداء ... طاعة أم معصية ؟ ...
وهل إقامة مهرجانات
ليالي القدس ... والرقص والاختلاط رباط ...
أم معصية وضلال؟... وهل خروج النساء والبنات والشباب ... بالبناطل الممزقة ..
والرحلات المختلطة الماجنة ... هل هذا رباط ... أم معاص ومنكرات" ... وهل ضياع
الشباب وغربتهم عن دينهم طاعة ورباط؟ ... أم
هوى وضلال ؟ ... وهل الاختلاط في الجامعات... وإنشاء ما يسمى بالصداقات بين الطلاب والطالبات ...
هل هذا رباط ... أم معصية وانحراف؟ ...وهل
إقبال النساء على تدخين الأراجيل ... في المقاهي والبيوت والطرقات ... وهل التبرج
الفاضح ... من غير خجل ولا حياء ...هل هذا من الدين والرباط...؟ أم من الضلال
والفساد؟ ... أخبروني بالله عليكم هل مثل هذا الجيل سيكتب الله على يديه النصر
والتحرير ؟... وهل مثل هذه المعاصي ...ومثل هذا الانفلات من قيم الدين... هل يقدم في خلاصكم من ظلم الظالمين ... أم يؤخره
حتى يصلح حالكم؟
... يا مسلمون : عندما أراد الصليبيون محاربة المسلمين في بلاد الأندلس أرسلوا عينا
لهم ...فوجد أبناء المسلمين ينشغلون في طلب العلم ...وينكبون على حفظ القرآن
والعمل به ...فرجع وقال لهم: الوقت غير مناسب لمحاربة المسلمين ... ثم
أرسلوا عينا لهم بعد زمن ... فوجد شباب المسلمين ... يقبلون على الخمر والنساء ...
والملذات والشهوات ... فأسرع إليهم قائلا لهم
... الآن تستطيعون محاربة
المسلمين ... الآن تستطيعون إخراجهم من الأندلس ...فيا عباد الله ، يا مسلمون
... إن تحرير الأرض ... لا يكون إلا بعد
تحرير العقول من شبهاتها .... وتحرير النفوس من شهواتها ... وضلالاتها ... فالعاجز عن تحرير نفسه من المعاصي ... أعجز عن تحرير أرضه من عدوه ...
أيها
المسلمون: ... وأما بالنسبة للمسجد الأقصى ... ألا يستحق منكم جميعا ... أن تجعلوا فيه صلاة الفجر والظهر والعصر
والمغرب والعشاء ... كصلاة الجمعة بشد الرحال إليه ؟ ... وفي مثل هذه الساعة ... من كل يوم جمعة ... لو ذهبنا إلى مساجد شعفاط ...
وبيت حنينا وصور باهر... وغيرها ... من مساجد
قرى القدس ... سنراها
عامرة بالمصلين الشباب ... وبالمصلين القادرين على شد الرحال إليه ؟... فلماذا لا نصلي
كلنا صلوات الجمعة فيه ؟ ...ليسأل كل واحد منا نفسه : كم من وقته يجعل كل يوم للمسجد الأقصى ؟ ... وهل أعطينا المسجد الأقصى ... حقه من أوقاتنا
وصلواتنا فيه ؟... وهل إيلات والسخنة
... وغيرها من أماكن النزهة ... أفضل
عند بعضنا ... من شد الرحال إلى المسجد الأقصى ؟... وأما الأمة
العربية والإسلامية ... أما آن لها أن
تتحمل مسئولياتها تجاه القدس والمسجد الأقصى ... أما آن لها أن توحد صفوفها وجهودها ... ليكو ليجعلوا المسجد الأقصى أولا
... وليجعلوا القدس أولا...
أيها المرابطون : كل عام يتذكر شعبنا "يوم الأرض"... الذي صار معلما من معالم
الهبة الشعبية ... ضد الإعتداء على أراضينا ... وكل يوم من أيام المسلمين ... هو يوم من
أيام الأرض ... ...فالله سبحانه استخلفنا على الأرض... لنعمرها بمنهاجه ... ولنحتكم فيها إلى شريعته ... ففي كل يوم لنا على الأرض ... نعبد الله فيه بأداء ما افترضه ... وباجتناب ما حرّمه علينا ... وبالتنادي إلى تحكيم الإسلام في حياتنا ... وفي
واقع الناس جميعا ... قال الله تعالى " وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ... ورفع
بعضكم فوق بعض درجات ... ليبلوكم فيما آتاكم ... إن ربك سريع العقاب ... وإنه لغفور رحيم". ..
أيها المسلمون: ... إن الأرض لا تقدسكم ... وإن الوطن لا يقدسكم ... وإن التراب لا يقدسكم ... وإنما الذي يقدسكم...
عملكم الصالح ... ويقدسكم رباطكم ... ويقدسكم إيمانكم بالله وتقواكم... فأصلحوا أنفسكم ...وأنتم تعيشون في ثالث
مكان مقدس للمسلمين ... فلا تنافقوا ... ولا توالوا كافرا ... وهاجروا إلى ربكم ...
بهجر السيئات والمعاصي والآثام ... وأنكروا المنكرات ...كل بحسب قدرته...
بيده أو بقلبه أو بلسانه ... قال الرسول صلى الله عليه وسلم ... " إن الشيطان قعد لابن آدم بطرق ... فقعد
له بطريق الإسلام ... فقال له : أتسلم ... وتترك دينك ودين آبائك ... فعصاه وأسلم ...
ثم قعد له بطريق الهجرة ... فقال له :
أتهاجر... تدع أرضك وسماءك ... فعصاه وهاجر ... ثم قعد له بطريق الجهاد ...
فقال له : أتجاهد ... وهو تلف النفس والمال ... فتقاتل فتقتل ... فتنكح نساؤك ... ويقسم
مالك ... فعصاه وجاهد ...
فاللهم أحسن إسلامنا لك ... وأحسن هجرتنا
إليك ... وأتم علينا نعمة الرباط وأجرها في المسجد الأقصى وفي بيت المقدس وأكنافه ...
يا مسلمون ، يا عباد الله ... وأما الدول الكبرى ... فإن الله سيحاسبها
أشد الحساب ...على تآمرهم على تهجير المسلمين من أراضيهم وأوطانهم ... وعلى تدخلهم
الظالم ... في قضايا المسلمين المصيرية...
ولن تمر صفقاتهم ...فهم يمكرون ... والله يمكر والله خير الماكرين ... وإن الله لهم بالمرصاد... فسيعذبهم في الدنيا بأيادي
المسلمين ... ولن يخرجوا من الدنيا من غير عقاب ... يقول ربنا عز وجل ... ": قل هل تربصون بنا
إلا إحدى الحسنيين ... ونحن نتربص بكم ... أن
يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا ...
فتربصوا ... إنا معكم متربصون" ...
فاللهم إنا ننتظر
وعدك الحق بعذاب الكافرين .... فأنت ناصرنا على الظالمين ... وأنت على كل شيء قدير ... أيها
المؤمنون ، أيها المسلمون : إن المسلم
يحب أرضه ووطنه ... لأن حب الوطن فطرة ... فطر الله الإنسان عليها...
كما قال الله عز وجل ... ": فطرت الله التي فطر الناس عليها " ... ونحن نحب أرضننا ووطننا ... مسقط رؤوسنا ... وموطن آبائنا وأجدادنا ...
وهي الأرض التي أكرمنا الله بالإنتماء إليها ...عقيدة ربانية. .. وتاريخا مجيدا عبر القرون ... ومع كل هذا... فإن المسلم ... يقدم حب
الإسلام على حب الوطن والأرض ... نعم ... نقدم حب الدين على حب الوطن ... لنحفظ وطننا
وأرضنا من الكافرين والمعتدين ... فهذا رسولنا صلى الله عليه وسلم ... يقدم حب الدين على حب مكة ... التي هي وطنه
وأرضه ... وكذلك فعل الصحابة الكرام ... كل ذلك فرارا بالدين وحفاظا عليه ... فأكرمهم
الله عز وجل ... بالعودة إلى مكة المكرمة ...
أعزاء منصورين ...
أيها المسلمون ، أيها المؤمنون: ... وعندما فتح المسلمون مكة... كانوا جميعا أنصارا
ومهاجرين ... أما المهاجرون ... فعادوا
إلى أرضهم ... وأهلهم ... ووطنهم ... وأما الأنصار ... فتركوا أرضهم نصرة لله ... ونصرة لرسوله صلى الله عليه وسلم ... ونصرة للمهاجرين
... الذين أخرجوا من ديارهم بغير
حق ... فمتى
تجتمع كلمة المسلمين ...ومتى ينصرون دينهم وبلادهم ؟ ... وهل يجمعنا الإسلام تحت رايته؟ ... وهل نقود العالم ... إلى خيري الدنيا والآخرة ؟ ...
يقول الله تعالى ...": والذين آمنوا ... وهاجروا...
وجاهدوا في سبيل الله ... والذين آووا ونصروا ...أولئك هم
المؤمنون حقا ... لهم مغفرة ورزق كريم " ... اللهم اكتبنا عندك من المؤمنين
... واكتبنا عندك من الصادقين... واكتبنا عندك من الصالحين ... وانصرنا
بالإسلام... وانصر بنا الإسلام يا رب
العالمين ... واغفر لنا فإنك أنت الغفور الرحيم ... وارزقنا الرزق الكريم والنصر المبين ...
عباد الله : استغفروا الله من الذنوب
...وادعوه بحضور القلوب ...وادعوه وأنتم موقنون بالإجابة .. فإنه سبحانه قريب مجيب
...
الخطبة الثانية
الحمد لله رب
العالمين ... ونشهد أن لا إله إلا الله ... وحده لا شريك له ... من آمن به اهتدى
ونجا ... ومن كفر به هلك وخاب ... ونشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله ... بلغ رسالة ربه على وجه التمام ... وأتم الله به
النعمة علينا بالإسلام ... اللهم صل وسلم وبارك عليه .... وعلى آله وأصحابه
وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين ...
أما بعد ، يا مسلمون ... :
إن أرضنا تدعونا ... إلى أن تتحد كلمتنا
ومواقفنا ... في سبيل نصرة قضيتنا ... وهذا يتطلب منا أن نكون مؤمنين صادقين ... وبديننا عاملين...فالوطن
لا يتحرر بالغناء الفاحش ... ولا بالرقص المختلط الماجن ... ولا بالتخاذل
والتنازل عن المبادىء والقيم والتاريخ والأمجاد... فاجمعوا شملكم ... ووحدوا كلمتكم ... على تقوى الله وطاعته فوق أرضكم ... ليحفظكم فوقها ... وليحفظها لكم وبكم ...
وصدق الله العظيم حيث يقول ... "ولقد كتبنا
في الزبور من بعد الذكر... أن الأرض يرثها عبادي الصالحون" .... أيها المؤمنون ... عباد الله: ونعيد ونكرر ... المسجد الأقصى الذي تحبونه ... ترجموا حبكم له ... بالصلاة اليومية والرباط فيه
... لتنالوا فضيلة الصلاة فيه ... وفضيلة
مضاعفة أجرها ... وفضيلة الرباط ... وفضيلة شد الرحال إليه ... استجابة لحث
الرسول صلى الله عليه وسلم ... ": لا
تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ". .. وذكر منها المسجد الأقصى .... يا عباد الله ، يا أحباب
المسجد الأقصى ... وإن الأرض التي أكرمنا الله بالرباط فيها ... تدعونا إلى التكاتف والتعاون والتراحم ... على مستوى الأرحام والقرابات والجيران
والأحياء ... فكونوا قلبا واحدا ... ويدا واحدة ... على طاعة الله والعمل لمرضاته ...
وحينها سيكون الله معنا ... ولن يترنا أعمالنا ... وسينصرنا على
من عادانا ... أيها المسلمون ، أيها المؤمنون: ...
إن كل الإجراءات والقرارات ... الصادرة ع ن محاكم الاحتلال... بالسماح
للمتطرفين بالمس بالمسجد الأقصى وما حوله ... كلها قرارات باطلة ... ولا نعترف بها ... ولا نرضاها ... ونحذر من عواقبها الوخيمة ... ونؤكد على أن المسجد الأقصى داخله وخارجه وما
حوله ... هو للمسلمين وحدهم ... وأنه مقدس بالنسبة لنا ... وأن المليار ... وما
يزيد على نصف المليار من المسلمين ... لن
يقبلوا أن يصاب المسجد الأقصى بأذى ... وللمسجد الأقصى رب ... يحفظه
ويرعاه ... وأنتم له بعد الله ... والعاقبة دائما وأبدا للمتقين .. . والهلاك
والبوار... للظالمين والطاغين ... واسألوا
فرعون الهالك بالغرق في البحر ... إن كنتم لا تعلمون ... أو إن كنتم ناسين ... أو إن كنتم تنكرون... أيها المؤمنون: الجنة وما فيها من نعيم مقيم ... هي
وطنكم ... وهي دار الخلد التي تنتظركم ...
فشدوا إليها رحالكم... بإيمانكم ...وبأعمالكم الصالحة ... فهي مطاياكم التي
توصلكم إلى وطن الإقامة ... إلى الفردوس
والجنة ...
قال
ربنا سبحانه... ": تلك الدار الآخرة ... نجعلها للذين لا يريدون علوا في
الأرض ولا فسادا ... والعاقبة للمتقين ".... ربنا أعنا ولا تعن علينا... وانصرنا ولا
تنصر علينا...وامكر لنا ولا تمكر علينا... واهدنا ويسر الهدى لنا ... وانصرنا على
من بغى علينا ... اللهم اجعل لنا من كل هم
وغم فرجا ... ومن كل ضيق مخرجا ... ومن كل ذنب مغفرة وسترا... ومن كل عسر
يسرا...اللهم أنت القوي فقونا...وأنت المعز فأعزنا... وأنت الغني فأغننا... وأنت
الرحمن الرحيم فارحمنا...اللهم احفظ لنا
أقصانا ... وارزقنا الغدو والرواح إليه في كل وقت وحين... ورد عنه كيد أعدانا ...
وارزقنا من يحكمنا بشرعك وينك ...ولا تسلط علينا من لا يخافك ويرحمك....اللهم واغفر اللهم للمسلمين والمسلمات ... الأحياء
منهم والأموات ... وارزقنا وجميع المسلمين عيش السعداء وموت الشهداء ... وأنت يا
مقيم الصلاة أقم الصلاة ": إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله
أكبر والله يعلم ما تصنعون"
من فقه القرآن : الأرض والأنسان
من فقه القرآن
الأرض والأنسان
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
امام خطيب المسجد الأقصى المبارك
الامين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس
قال الله تعالى:"ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون". سورة الأعراف(10).
المسألة الأولى:أثبتت الآية الكريمة ثلاث حقائق تتعلق بالإنسان وهي:
الحقيقة الأولى:أن الله عز وجل جعل للإنسان في الأرض مكانا وقرارا من السكن والزرع والتصرف فيها.
الحقيقة الثانية:أن الله عز وجل جعل للإنسان في الأرض ما يعيشون به من المطعم والمشرب وكل لوازم الحياة.
الحقيقة الثالثة:أن الإنسان مع كل هذه النعم من الله عليه،فقيل هم الذين يشكرون ربهم عليهم،كما قال عز وجل في آية اخرى"وقليل من عبادي الشكور".
المسألة الثانية:والآية تأكيد من الله،كالابل نعمه على العباد،دل على هذا التأكيدو"قد"مع الفعل الماضي"مكناكم"وذلك كمل لعباد على الإقرار بهذه النعم ليقوموا بأداء شكرها.
المسألة الثالثة:ومناسبة الآية لما قبلها من الآيات أنه سبحانه أمر بمتابعة الرسل،ثم خوفهم من عذاب الدنيا،وخوفهم بعذاب الآخرة حيث السؤال هناك الحساب،فجاءت الآية الكريمة تذكرهم بالحكمة من خلقهم على هذه الأرض وهو شكر الله،فهذا الشكر الذي يستلزم طاعته سبحانه فيما أمره وطاعته فيما نهى عنه وزجر.
المسألة الرابعة:معايش مفعول"جعلنا"وجمعها معيشة،والمعايش التي جعلها الله لعباده منه وهي:
الوجه الأول:خلق هذه النعم للعباد.
الوجه الثاني:الحصول على هذه النعم عن طريق الكسب والأخذ بالأسباب لتحقيقها وكلا الوجهين إنما هو بفضل الله وإقداره وتمكينه،وكما قال سبحانه"هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور.
المسألة الخامسة:قوله تعالى"مكناكم"أي:مكناكم،لأن التمكين هو التمليك وجعل الشيء في مكانه وهو مصطلح يطلق هلى الإقدار على التصرف على سبيل الكناية،والمعنى:أي جعلنا ثم قدرته على أمور الأرض،وخولناكم التصرف في مخلوقاتها حيث أودع الله في الإنسان قوة العقل والتفكير اللذين بهما كان منال التكليف والسيادة على هذه الأرض والتغلب على مصاعبها.
المسألة السادسة:قوله تعالى"معايش"عام،والمعيشة قد تكون طيبة للإنسان إن أطاع ربه عز وجل وقد تكون غير ذلك إن عصى وكفر،كما قال سبحانه"ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا".
المسألة السابعة:ومن التمكين للإنسان في الأرض أن جعل الله له الوطن الذي يولد ويستقر فيه،ويدافع عنه بكل الوسائل المشروعة.
المسألة الثامنة:شكر العباد لنعم الله يكون بعدة أمور:
أولا:بمعرفتها له والإعتراف بأنه سبحانه هو مسيرها والمنعم بها،وهذا يكون بالقلب.
ثانيا:حمد الله وثناؤه على هذه النعم وهذا يكون باللسان.
ثالثا:التصرف بهذه النعم فيما يحبه الله ويرضاه،فمثلا شكر نعمة اليد باستخدامها في طاعة الله وترك معصيته سبحانه بها كالاعتداء على الآخرين بالضرب أو سرقة أموالهم أو غير ذلك..
المسألة التاسعة:وفي شكر العبد لنعم الله عليه فوائد عديدة ترجع إليه وتنفقه وحده،أما الله سبحانه فهو غني عن عباده،ومن هذه الفوائد في الدنيا:
أولا:حفظ الأبدان من الأضرار والمهلكات فالذي لا يشرب الخمر ولا يتعاطى المخدرات هو شكر لله على نعمة الصحة،وبالتالي يعود شكر هذه النعمة عليه بدوام الصحة وحفظ بدنه وهكذا...
ثانيا:تزكية الأنفس وترقيتها في مدارج الكمال الإنساني،فأنت حين تحفظ قليلا لسانك من الغيبة والنميمة وقول المنكرات،تكون شاكرا لربك على نعمة اللسان،وبالتالي ترتقي في سلوكك وأخلاقك،من خلال تزكية نفسك بفضيلة حفظ اللسان،فإذا أجمعت إلى شكر نعمة اللسان شكر النعم الأخرى من الجوارح التي أنعم الله بها عليك،ارتقيت في مدارج الكمال الإنساني..
ثالثا:حصول نعمة الأمن للأفراد والجماعات نعم الله تعالى بأداء شكرها على الوجه المطلوب شرعا،يؤدي إلى حفظ الدين والنفس والمال والعقل والنسل،فإذا حفظت هذه الضروريات الخمس،عاش الناس في نعمة الأمن والسعادة،وهذا هو المطلوب من العباد حين أمرهم الله تعالى بأداء نعمة الشكر على ما أنعم به عليهم
والحمدلله ر ب العالمين
من فقه القرآن : مظاهر تكريم الأم
من فقه القرآن
مظاهر تكريم الأم
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد
علي
إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك
الأمين العام لهيئة العلماء
والدعاة ببيت المقدس
www.algantan.com
للأم مظاهر عديدة في
القرآن الكريم تدل على مكانته وتكريمها ، ومن هذه المظاهر المظهر الأول :العفة
والطهارة فهي لا ترضى على نفسها أن تدخل لأبنها على فراش الزوجية الصحيح غير نسبه
لأبيه ، فهي الحصان الرزان التي لا تفكر بالزنا ولا ترضيه لنفسها أبدا بل تتمنى
الموت لو هي فكرت بذلك أو عرض لها ذلك وهي غير راضية ،ومن الأمثلة في القرآن
الكريم قصة الصديقة مريم ،فعندما أذن الله بحملها بعيسى عليه السلام من غير أب ليكون
ذلك معجزة تمنت الموت فقالت عندما جاءها المخاض " يا ليتني متّ قبل هذا وكنت
نسيا منسيا"، وذلك لأنها ترفض أن يتعرض عرضها لطعن أو لأن تجلب لأهلها
المعرّة وضياع الحسب ، وهذا أفضل شيء تقدمه الأم لأبنائها وبناتها ولعائلتها ولدينها ولدنياها ، ونحن نثق بنسائنا
وأنهن حرائر تربين على العفة الإسلامية ،وشعارهن دائما " تموت الحرة ولا تأكل
بثدييها" ، فلا ينبغي لأم وهي أثناء ذلك زوجة أن تدنٍ عرض أولادها ،فمثل هذا العمل جريمة نكراء ، ولعظم قباحتها
جعل الله عقوبتها في الدنيا أن يقم عليها السلطان حدّ الرجم حتى الموت ، كما فعل
النبي صلى الله عليه وسلم مع الغامدية، وقد أعطى الإسلام للمرأة حرية فسخ عقد
النكاح إذا كان الزوج عنّينا أي لا يقدر على المعاشرة الزوجية ، وذلك حفاظا على
طهارة المجتمع المسلم من الفاحشة ، وكذلك حرّم الإسلام الاختلاط بين الرجال
والنساء إلا بضوابط ، ومنع الخلوة بالمرأة الأجنبية أي المرأة غير المحرمة على
الرجل والتي يجوز له التزوج منها ، وذلك حرصا من الإسلام أن تظل المرأة فاضلة
يفتخر أبناؤنا بها في كل وقت وحين في حياتها وبعد مماتها ، ومن هنا نقول لبناتنا في الجامعات والمدارس وهن اللواتي
سيصبحن أمهات في المستقبل ،نقول لهن الاختلاط بالطلاب وإقامة العلاقات معهم مهما تسمت بالعلاقات البريئة حرام ولا
تجوز شرعا ، وعواقبها وخيمة ، وقد أثنى الله تعالى من فوق سبع سماوات على مريم
الصدّيقة لعفتها فقال " ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من
روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين .
المظهر الثاني :
الوصية ببر الأم والإحسان إليها مقدم على الوصية ببر الأب والإحسان إليه ، قال
الله تعالى:" ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله
وصاله ثلاثون شهرا" ، فالأم لها ثلاثة أرباع البر والإحسان والباقي للأب كما
جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال له الصحاب : من أحق الناس بحسن
صحابتي ؟ قال : أمك ،قال :ثم من ؟ قال: أمك ، قال :ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم
من .؟ قال : أبوك"، وليس هذا إهمال
البر بالأب بل يجب ولكن البر درجات ،وعل هذا فالاحتفال بما يسمى بعيد الأم ليس
ابتداعا من الغرب بل له أصل في الإسلام كما نرى من وصية القرآن بالأم لأنها هي
التي حملت وهي التي ولدت وهي التي أرضعت ، وهذا الذي جعل الرسول صلى الله عليه
وسلم يجعل لها ثلاثة أرباع البر والإحسان ،ومع هذا لم يخصص الإسلام للأم يوما في
العام لبرها ،لأن تخصصي يوم في العام لبرها فقط هو قمة العقوق واللؤم من الأبناء ،
بل جعل برها دائما وفي كل لحظة يدور مع وجدوها على قيد الحياة ومع خروجها من
الدنيا بالموت فعيد الأم في الشريعة الإسلامية ما دام الإبن حيا فهو يبرها ويحسن إليها ولا ينقطع عيدها ببرها
في الإسلام فهو دائم ما بقي الولد حيا ، وأدنى مراحل برها أن يقول " رب
ارحمهما كما ربياني صغيرا"، ومن بر الإبن بأمه أ لا يقدم زوجته عليها ، فليس
البر أن تأتي لها بهدية أو تقبل يدها وأنت تجعل لزوجتك مكان الصدارة والاحترام ،
ومن أجل شهوتك التي لا تستمر دقائق تعق أمك التي ربتك وسهرت لأجلك عمرها كله
فانتبه أيها الولد العاق!!!
المظهر الثالث "
الأم أولى ببر أبنائها في حال الكبر وتقدم العمر بها وكذلك الأب ،وبرهما يكون وهما
شابان وهما كبيران في العمر أيضا ، وحتى لا يغفل أو يقصر الولد في بر أمه في كبرها
، نبه الله على هذا وخصّه بالذكر فقال
"إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل
لهما قولا كريما" فالأم عيدها الحقيقي أن تكون في بيتها أو بيت ابنها يرعاها
ويبرها وليس في مأوى العجزة كما يفعل بعض الأبناء اليوم الذين مات ضميرهم والذين
لا وازع عندهم ولا عند زوجاتهم ، ونقول
لمثل هذا الولد ولمثل هذه الزوجة العقوق دين يعجل الله لكم عقوبته في الدنيا بتنفس
العقوبة فأبشروا بعذاب الله أو توبوا وأرجعوا آباءكم وأمهاتكم إلى بيوتكم ولا
تبقوهم في دور العجزة ، و قد قال الفقهاء أن ليس من البر أن يترك الولد البالغ
أباه يعمل وإن كان الأب قادرا على الكسب
ليس من البر أن يتركه يعمل بل من البر أن يطلب الابن من الأب أن يجلس في
بيته مكرما وهو أي الابن يعمل ويكسب وينفق على أبيه حتى ولو كان الابن فقيرا فما
دام قادرا على الكسب فيجب عليه أن يكسب وينفق على أبيه وأمه وهذا هو البر الحقيقي ، أما الهدية في يوم مخصص
من العام والعقوق باقي السنة فهذه جريمة من الإبن يجب أن يتوب منها .
والحمد لله رب العالمين
من فقه القرآن : إن الله معنا
إن الله معنا
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
إمام
وخطيب المسجد الأقصى
الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت
المقدس
www.algantan.com
قال الله تعالى:" ِإلَّا تَنْصُرُوهُ
فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ
هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ
اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ
الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ
حَكِيمٌ (40)التوبة
فقه الآية الكريمة وفوائدها في المسائل الآتية:
المسألة الأولى: اشتملت هذه الآية الكريمة
على عشرة أخبار منها ستة أخبار تتضمن بشارات ربانية لكل مسلم حقق الإيمان في حياته
واقعا وسلوكا.
المسألة الثانية: أمّا الأخبار فهي:
أولا : نصر الله للنبي صلى الله عليه وسلم
في الهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة
،وهذا النصر هو أكبر الانتصارات التي نصر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم
على الكفار لأن نصره بالهجرة إلى المدينة المنورة أخرج الإسلام من مرحلة الاستضعاف
إلى مرحلة التمكين في الأرض ، فأمكن الإسلام بالهجرة قبضته على ناصية الدنيا بهذا النور
والهدى الذي وعد الله أن يتمّه على المسلمين ما دامت السماوات والأرض.
ثانيا: إخراج الكفار النبي صلى الله عليه
وسلم من مكة إلى المدينة المنورة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :" لولا أن
قومي أخرجوني منك ما خرجت" ، وإخراج الكفار المسلمين من بلادهم ونفيهم في الأرض هي عادتهم القبيحة الدالة على الحقد على الإسلام
ومحاولة إطفاء نوره بالقضاء عليه ، وهذه العادة القبيحة التي تشمل التآمر على الإسلام
والمسلمين بالقتل والسجن والنفي والإبعاد حاول الكفار ممارستها على النبي صلى الله
عليه وسلم في مكة وهم يعملون بها في زماننا كما نعيش ونرى الأحداث المتسارعة في بلاد
الشام والعراق وبورما وغيرها من بلاد المسلمين وكل مكان على ظهر هذه الكوكب الأرضي.
ثالثا: الخبر الثالث أن النبي صلى الله
عليه وسلم لم يهاجر وحده بل كان خير الناس
بعده في الأرض معه وهو سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وهذا دليل على فضله وسبقه
في الإسلام ومنزلته عند الله تعالى.
رابعا: أن النبي صلى الله عليه وسلم توارى
عن أنظار الكفار الذي لحقوا به في الغار ، وفي هذا تعليم وإرشاد وتربية لكل مسلم أن
يأخذ بالأسباب مع يقينه أن الله تعالى معه ، فالأخذ بالأسباب لا ينافي هذا اليقين ولا
يدعو إلى التواكل ، وهو سنّة غفل عنها المسلمون في هذا الزمان وهم يتعرضون للأذى والظلم من الكافرين.
خامسا: جزء من الحوار الذي جرى بين النبي صلى الله عليه
وسلم وبين أبي بكر الصديق وهما في الغار حيث يطمئن النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر
أن الله معهم ، وهنا لا بد من وقوف وقفات وهي:
الوقفة الأولى: بيان حرص أبي بكر رضي الله
عنه على سلامة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يدل على حبه للنبي ولإسلام وخوفه عليهما ، وليس خوفه على نفسه ، وهذا
قمة الإيمان وعلو درجة الصحبة الصادقة التي ينبغي أن يكون عليها المسلم.
الوقفة الثانية: اليقين التام بنصر الله
ومعيّته للمؤمنين في أشد اللحظات كربا وخطرا ، وهذا اليقين شمل النبي وصاحبه أبي بكر
، وقول النبي لأبي بكر "إن الله معنا" من قبيل التذكير له ليس إلا.
الوقفة الثالثة :أن أبا بكر رضي الله عنه كان يخاف على الإسلام أن يقضى عليه بقتل النبي صلى الله
عليه وسلم ولم يكن يخشى على نفسه ولهذا قال له النبي " لا تحزن".
سادسا: أنزال الله سكينته على النبي وصاحبه رضي الله عنه والسكينة هدوء النفس
وعدم اضطرابها مهما كانت الأحداث حولها مخيفة ، وهذه من معيّة الله للمؤمنين.
سابعا: التأييد بجنود من عند الله لهما
أثناء الهجرة وجنود الله كثيرة لا يعلمها إلا الله وقد يكون ما نراه ضعيفا من أقوى
الجنود الربانية كالعنكبوت ، وفي هذا تربية للمسلمين أن يحققوا في واقعهم الإيمان الكامل
لتكون جنود الله معهم تنصرهم وتؤيدهم فكل ما هو مخلوق من جنود الله ، وتأييد الله للمؤمنين
بجنوده هو من معيّته لهؤلاء المؤمنين.
ثامنا : ومن معيّة الله للمؤمنين
إضافة إلى ما سبق ذكره جعله عز وجل كلمة الكفار هي السفلى..
تاسعا: ومن هذا المعيّة جعله سبحانه كلمة المؤمنين
هي العليا وذلك بنصرهم والتمكين لهم في الأرض.
عاشرا: وهذا هو الخبر الأخير في الآية الكريمة
وهو الذي أدى إلى هذه المعيّة للنبي صلى الله عليه وسلم ولصاحبه وللمؤمنين بعدهم وهي
أن الله عزيز لا يغلب حكيم في تدبير أمور المؤمنين فقد يظن المسلم أن هذا الأمر فيه
هلاكه وهو غير ذلك بل فيه نصره وعزّه .
المسألة الثالثة: بينت الآية الكريم أن الله مع المؤمنين
وأن هذه المعيّة متحققة لكل مؤمن بشروط وهي: الشرط الأول: نصر المؤمن لربه وهذا
كقوله سبحانه ": إن تنصروا الله ينصركم " ، ونصرة الله تعالى تكون باتباع
دينه حق الاتباع. والشرط الثاني:موالاة المؤمنين بعضهم بعضه بعضا كما كان من موالاة
أبي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم .
المسألة الرابعة: معيّة الله للمؤمنين تعني
السعادة التامة لهم بالسكينة والأمن والغلبة على الأعداء والتمكين في الأرض، وهي أرجى
وأفضل مطلوب وأنبل غاية يبحث عنه العاقل الذي هذا الله لهذا الدين القويم ، ولا تكون
هذه المعيّة إلا بالهجرة الحقيقية إلى الله تعالى .
والحمد لله رب العالمين