من فقه القرآن
مظاهر تكريم الأم
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد
علي
إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك
الأمين العام لهيئة العلماء
والدعاة ببيت المقدس
www.algantan.com
للأم مظاهر عديدة في
القرآن الكريم تدل على مكانته وتكريمها ، ومن هذه المظاهر المظهر الأول :العفة
والطهارة فهي لا ترضى على نفسها أن تدخل لأبنها على فراش الزوجية الصحيح غير نسبه
لأبيه ، فهي الحصان الرزان التي لا تفكر بالزنا ولا ترضيه لنفسها أبدا بل تتمنى
الموت لو هي فكرت بذلك أو عرض لها ذلك وهي غير راضية ،ومن الأمثلة في القرآن
الكريم قصة الصديقة مريم ،فعندما أذن الله بحملها بعيسى عليه السلام من غير أب ليكون
ذلك معجزة تمنت الموت فقالت عندما جاءها المخاض " يا ليتني متّ قبل هذا وكنت
نسيا منسيا"، وذلك لأنها ترفض أن يتعرض عرضها لطعن أو لأن تجلب لأهلها
المعرّة وضياع الحسب ، وهذا أفضل شيء تقدمه الأم لأبنائها وبناتها ولعائلتها ولدينها ولدنياها ، ونحن نثق بنسائنا
وأنهن حرائر تربين على العفة الإسلامية ،وشعارهن دائما " تموت الحرة ولا تأكل
بثدييها" ، فلا ينبغي لأم وهي أثناء ذلك زوجة أن تدنٍ عرض أولادها ،فمثل هذا العمل جريمة نكراء ، ولعظم قباحتها
جعل الله عقوبتها في الدنيا أن يقم عليها السلطان حدّ الرجم حتى الموت ، كما فعل
النبي صلى الله عليه وسلم مع الغامدية، وقد أعطى الإسلام للمرأة حرية فسخ عقد
النكاح إذا كان الزوج عنّينا أي لا يقدر على المعاشرة الزوجية ، وذلك حفاظا على
طهارة المجتمع المسلم من الفاحشة ، وكذلك حرّم الإسلام الاختلاط بين الرجال
والنساء إلا بضوابط ، ومنع الخلوة بالمرأة الأجنبية أي المرأة غير المحرمة على
الرجل والتي يجوز له التزوج منها ، وذلك حرصا من الإسلام أن تظل المرأة فاضلة
يفتخر أبناؤنا بها في كل وقت وحين في حياتها وبعد مماتها ، ومن هنا نقول لبناتنا في الجامعات والمدارس وهن اللواتي
سيصبحن أمهات في المستقبل ،نقول لهن الاختلاط بالطلاب وإقامة العلاقات معهم مهما تسمت بالعلاقات البريئة حرام ولا
تجوز شرعا ، وعواقبها وخيمة ، وقد أثنى الله تعالى من فوق سبع سماوات على مريم
الصدّيقة لعفتها فقال " ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من
روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين .
المظهر الثاني :
الوصية ببر الأم والإحسان إليها مقدم على الوصية ببر الأب والإحسان إليه ، قال
الله تعالى:" ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله
وصاله ثلاثون شهرا" ، فالأم لها ثلاثة أرباع البر والإحسان والباقي للأب كما
جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال له الصحاب : من أحق الناس بحسن
صحابتي ؟ قال : أمك ،قال :ثم من ؟ قال: أمك ، قال :ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم
من .؟ قال : أبوك"، وليس هذا إهمال
البر بالأب بل يجب ولكن البر درجات ،وعل هذا فالاحتفال بما يسمى بعيد الأم ليس
ابتداعا من الغرب بل له أصل في الإسلام كما نرى من وصية القرآن بالأم لأنها هي
التي حملت وهي التي ولدت وهي التي أرضعت ، وهذا الذي جعل الرسول صلى الله عليه
وسلم يجعل لها ثلاثة أرباع البر والإحسان ،ومع هذا لم يخصص الإسلام للأم يوما في
العام لبرها ،لأن تخصصي يوم في العام لبرها فقط هو قمة العقوق واللؤم من الأبناء ،
بل جعل برها دائما وفي كل لحظة يدور مع وجدوها على قيد الحياة ومع خروجها من
الدنيا بالموت فعيد الأم في الشريعة الإسلامية ما دام الإبن حيا فهو يبرها ويحسن إليها ولا ينقطع عيدها ببرها
في الإسلام فهو دائم ما بقي الولد حيا ، وأدنى مراحل برها أن يقول " رب
ارحمهما كما ربياني صغيرا"، ومن بر الإبن بأمه أ لا يقدم زوجته عليها ، فليس
البر أن تأتي لها بهدية أو تقبل يدها وأنت تجعل لزوجتك مكان الصدارة والاحترام ،
ومن أجل شهوتك التي لا تستمر دقائق تعق أمك التي ربتك وسهرت لأجلك عمرها كله
فانتبه أيها الولد العاق!!!
المظهر الثالث "
الأم أولى ببر أبنائها في حال الكبر وتقدم العمر بها وكذلك الأب ،وبرهما يكون وهما
شابان وهما كبيران في العمر أيضا ، وحتى لا يغفل أو يقصر الولد في بر أمه في كبرها
، نبه الله على هذا وخصّه بالذكر فقال
"إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل
لهما قولا كريما" فالأم عيدها الحقيقي أن تكون في بيتها أو بيت ابنها يرعاها
ويبرها وليس في مأوى العجزة كما يفعل بعض الأبناء اليوم الذين مات ضميرهم والذين
لا وازع عندهم ولا عند زوجاتهم ، ونقول
لمثل هذا الولد ولمثل هذه الزوجة العقوق دين يعجل الله لكم عقوبته في الدنيا بتنفس
العقوبة فأبشروا بعذاب الله أو توبوا وأرجعوا آباءكم وأمهاتكم إلى بيوتكم ولا
تبقوهم في دور العجزة ، و قد قال الفقهاء أن ليس من البر أن يترك الولد البالغ
أباه يعمل وإن كان الأب قادرا على الكسب
ليس من البر أن يتركه يعمل بل من البر أن يطلب الابن من الأب أن يجلس في
بيته مكرما وهو أي الابن يعمل ويكسب وينفق على أبيه حتى ولو كان الابن فقيرا فما
دام قادرا على الكسب فيجب عليه أن يكسب وينفق على أبيه وأمه وهذا هو البر الحقيقي ، أما الهدية في يوم مخصص
من العام والعقوق باقي السنة فهذه جريمة من الإبن يجب أن يتوب منها .
والحمد لله رب العالمين
0 التعليقات:
إرسال تعليق