تعديل

الجمعة، 27 ديسمبر 2024

شبابنا ومخاطر قيادة الدراجات النارية

رقائق إيمانية

"الفيسبا" ..أنا النحلة .. أنا الدبور
الدكتور محمد سليم محمد علي 
 إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك 
هل تعلم لماذا سُمّيت " الفيسبا" بهذا الاسم ؟ لأن منها ما صُنع على شكل " الدبور" ، ومنه ما صُنع على شكل النحلة ، ولقد أراد صانعها تسهيل قضاء الحاجات لراكبها ، ولم يكن قصده من صُنعها أن تكون مصدرا للموت المتكرر من سائقيها ، إن هذه المركبة من نعم الله علينا كما قال الله سبحانه : (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)، فلماذا لا نحسن استخدام هذه النعمة ؟ ولماذا نجعلها مصدرا للبلاء المحقق بالموت ، أو الإصابات التي قد تؤدي إلى إعاقات دائمة ، أو تؤدي إلى إثارة النزاعات والشجار بين العائلات بسببها ؟ إن ديننا الحنيف يقول لنا : ( لا ضرر ، ولا ضرار) ، فمن أضرّ بنفسه ، أو أضرّ بغيره ، كان آثما عند الله تعالى ، ويتحمل عاقبة الضرر الذي تسبب به من خلال هذه المركبة ،وإن هذه المركبة وسيلة لكثير من الشباب لكسب الرزق ،وهذه الوسيلة المشروعة ينبغي أن تتخذ لمقصد مشروع ، لأن الوسائل لها حكم المقاصد ، وعليه فاتخاذ هذه المركبة للرزق مقبول شرعا ، لأنه مقصد مشروع ، لكن بضوابط على مستخدمها أن يراعيها ، مثل : عدم تجاوز السرعة القانونية خاصة ، وعدم مخالفة قوانين السواقة عامة ، وأما اتخاذ هذه الوسيلة " الفيسبا" للإزعاج كما يحصل في الأعراس ، أوإغلاق الطرقات ، أو لحوادث الإجرام ، فحينئذ يحرم استخدامها مطلقا ، لأن المقصد من استخدامها غير مشروع ، لأن فيه اعتداء على أموال الناس ، أو أعراضهم ، أو دمائهم ، أو على طرقاتهم ، أو على أمنهم بشكل عام ، وبمناسبة تسمية " الفيسبا" بهذا الاسم لأنها تشبه النحلة والدبور في شكلها ، دعونا نتذكر لعبة كنّا نلعبها ونحن صغار ، وكلنا يعرفها ، وهي لعبة " أنا النحلة ، أنا الدبور" ، لنجعل من هذه المركبة مثل النحلة ، في عطائها الخير ، من خلال العمل الدؤوب عليها لنيل الرزق ، وقضاء الحوائج ، أو نجعلها مثل " الدبور" الذي يخدم مملكة النحل ، ويعطيها أغلى ما عنده ، ثم دعونا نتذكر القاعدة الشرعية التي تقول : ( ما لا يتمّ الواجب إلا به فهو واجب) ، والحفاظ على روحك أيها السائق لهذه المركبة ، والحفاظ على أرواح الآخرين ، ثم الحفاظ على ممتلكاتهم من خلال مركبتك " الفيسبا" ، واجب شرعي ،ولا يتم إلا بالالتزام التام بقوانين قيادة هذه المركبة ، فإذا خالفت هذه القوانين كنت آثما عند الله تعالى ، ومستحقا للعقاب إذا ترتب على قياداتك لها إضرار بالغير ، العقاب الدنيوي ، ثم العقاب في الآخرة عند الله تعالى ، وإنه لمن المحزن جدا ، أن نسمع كل يوم عن حادث بسبب " الفيسبا" نفقد فيه شابا كان يعمل على بناء حياته ومستقبله ، فيموت بسبب تهوّره في قيادة هذه المركبة التي صارت " نعش الموت" الراكض على الشارع ، أيها الشاب الحبيب ، الذي يحلم أن يرزقه الله المال الكثير من خلال هذه المركبة ، دعني أذكرك بمقولة القائد المصري " سعد زغلول" حين كان يركب مع سائق سيارته ، ويراه يسرع في السواقة ، كان يقول له " امشِ ببطأ ولا تسرع في قيادة السيارة حتى نصل بسرعة " ، هل فهمت ما قاله " سعد زغلول " لسائقه الخاص ؟ طلب منه أن يخفف من السرعة في قيادة السيارة حتى يصلوا بسرعة للمكان الذي يريدونه دون تأخير، وأنا أقول لكل مثل ما قال "سعد زغلول" لسائقه ، لأننا نريدك حيّا لا ميتا ، لأننا نريد أن نراك عريسا إن كنت غير متزوج ، لأننا نريدك مرزوقا تأتي بالمال لزوجتك ولأولادك إن كنت متزوجا ، ولأمك وأبيك إن كنت أعزبا ، بل نريدك ثمرة من ثمارنا في بيت المقدس وأكنافه ، نريدك معول بناء لا معول هدم ، نريدك يانعاً تقبل على شبابك وتعطي دينك ، وشعبك ، وأمتك ، نصيبهم من شبابك الغضّ ، لتكون من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم القيامة ، ولتكون من الذين يبنون ولا يهدمون ، ومن الذين يعطون ويبذلون كل خير ونفع لمن حولهم ، فلتكن " الفيسبا" من الآن فصاعدا الطريق الصحيح للرزق، والوسيلة التي تؤدي غايتها في النفع وليس للضرر ، وفي حفظ أرواح الناس وروحك أيها الغالي ، لا تفجعنا بموتك من على " الفيسبا" ، ولا توجع قلوبنا برحيلك عنا ، ألم تقرأ الشعار الذي يضعه سائق السيارة على سيارته " لا تسرع يا بابا نحن في انتظارك" ، فالزم هذا الشعار فأمك ، وأبوك ، وزوجتك ، وأولادك في انتظارك ، بل وشعبك في انتظارك ، ها أنا أخاطبك بأسلوب جديد ، وبكلمات من نسيج الفؤاد ، وبلغة قريبة من مشاعرك وأحاسيسك ، وطموحاتك ، فهل تقبل مني خطابي لك ، وحرصي عليك ، ونصيحتي المفمعة بالحب لشبابنا الذين نريدهم بيننا نورا وضياء ، فاحفظ قيادة " الفيسبا" بضوابطها التي بينت لك ، وكن خير من يحفظ ، ويسمع ، ويعمل ، ولا نقول إلا كما قال يعقوب عليه السلام لأبنائه : (فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)
 والحمد لله ربا العالمين

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More