تعديل

الجمعة، 24 يناير 2025

معالم من معجزة الإسراء

رقائق إيمانية
معالم من معجزة "الإسراء" 
الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
هذه المعالم مستنبطة من قول الله تعالى:( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) ، أما المعلم الأول : فهذه الآية الكريمة تتحدث عن معجزة أجراها الله على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، تسلية له عما لاقاه من أذى شديد واضطهاد ، بعد وفاة نصيريه زوجته خديجة وعمه أبي طالب ،وفيها تسلية لشعبنا الفلسطيني ، وهو يواجه البلاء والكربات ، ليوقن أن الفرج مهما بعدَ زمانه فهو قريب ، المعلم الثاني: وفي إسراء الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم ليلا فوائد منها : أولا : أهمية المسجد الأقصى وبيت المقدس عند المسلمين ، فالله قادر على أن يسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى القاهرة أو اليمن أو أي بلد آخر ، لكنه خصص الإسراء إلى بيت المقدس ، لتكون القدس والمسجد الأقصى ، عقيدة في قلوب المسلمين ، وقرآنا يتلى إلى أن تقوم الساعة ، ولهذا كانت بيت المقدس وأكنافها أرض رباط إلى يوم الدين ، ثانيا : أن الليل في حياة المسلم ، جزء من زمن الإنتاج للآخرة ، فإذا كان النهار للسعي في الأرض، وأعمارها وفق منهج الله تعالى ، فإن الليل للسعي في طلب القرب من الله عز وجل ، بالذكر وقيام الليل والدعاء وكل أعمال الخير ، فالمسلم في ليله ونهاره ، منتج مثمر ، كالشجرة المثمرة ، ثمارها معلقة بها في الليل والنهار . والأحاديث الصحيحة كثيرة التي تبين أن شرف المؤمن في قيام الليل ، وأن الليل دار عمل للصالحين ، ولعباد الله المقربين . ثالثا : أن الإسراء بالرسول صلى الله عليه وسلم ليلا إلى القدس والمسجد الأقصى ، فيه إشارة وحث للمسلمين أن لا يناموا ليلهم ، ما دام الأقصى يحتاج إليهم ، فلا يذوق مسلم طعم النوم ، والأقصى والقدس يناديان : يا مسلم : أنا في كرب ! أنا في حاجة إليك ، المعلم الثالث : دلت معجزة الإسراء على فضل المسجد الحرام والمسجد الأقصى ، وعلاقتهما العقائدية والتاريخية التي لا تنفك أبدا ، فمن فضائل المسجد الحرام ما روي عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام ، أفضل من مائة ألف صلاة في سواه " . وأما المسجد الأقصى فمن فضائله ما روي عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( .... والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة ) . والمسجد الأقصى من المساجد التي تشد إليها الرحال ، كما في الحديث الشريف ( لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى ) . وأما الارتباط العقائدي بين المسجدين ، الحرام والأقصى ، فإن الله عز وجل جعل الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، ليعلم المسلمون أن كلا منهما يجب حمايته والدفاع عنه ، وإبقاؤه في دار الإسلام ، وأن التفريط في المسجد الأقصى تفريط في المسجد الحرام ، وأنه كما يجب إعمار المسجد الحرام والاهتمام به ، وبمكة المكرمة ، فيجب على المسلمين جميعا ، إعمار المسجد الأقصى وبيت المقدس ، وألا يدخروا جهدا في ذلك كله ، وأما الارتباط التاريخي بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى ، فالمسجد الحرام هو أول مسجد وضع في الأرض ، ثم بني بعده المسجد الأقصى بأربعين سنة ، كما في رواية البخاري ،ولأهمية القدس والمسجد الأقصى في حياة المسلمين العقائدية والتاريخية ، فقد ذكرهما الله في القرآن الكريم ، ذلك الكتاب الخالد الذي ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) ، المعلم الرابع : ومعجزة الإسراء كانت بروح النبي وجسده صلى الله عليه وسلم ! والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم ، يتطلب من المسلمين أن يسروا إلى القدس والمسجد الأقصى بأرواحهم وأجسادهم ، أما الأماني والأحلام فهذه لا تجدي نفعا ، ولا تغير واقعا ! ولا تدل على اتباع الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم ، المعلم الخامس : وفي صبيحة ليلة الإسراء ، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين والمشركين بإسرائه إلى بيت المقدس ، فافترق المسلمون إلى فريقين ، مصدق ، ومشكك أو مكذب أو محتار ، وأما المشركون فكان موقفهم الاستهزاء وطلب الدليل من النبي صلى الله عليه وسلم على إسرائه ، فجلى الله له صلى الله عليه وسلم بيت المقدس ، وطفق يخبر المشركين بعلاماته ، ويستفاد من هذا بعض الدروس منها :أولا : أن قضية القدس والمسجد الأقصى يجب أن تظل حاضرة في عقول المسلمين وقلوبهم . ثانيا : أن قضية القدس والمسجد الأقصى يجب أن يجعلها المسلمون قضية الساعة ، في مجامعهم الدولية والإقليمية . ثالثا : أن على العرب والمسلمين أن يحشدوا كل الأدلة والبراهين – مع أنها معروفة – على عروبة القدس وإسلاميتها . وألا يتوانوا في بيانها مهما شكك المشككون فيها . رابعا : أن بيت المقدس في عقيدة المسلمين وتاريخهم وحدة واحدة ، لا تتجزأ ، ولا تتشطر ، مهما تغيرت الظروف السياسية وموازين القوى ، فالحق لا ينقلب إلى باطل مهما علا الطغيان وانتفش . 
والحمد لله رب العالمين

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More