رقائق إيمانية
فضل الزواج في القدس
الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
للزواج بشكل عام فضائل عديدة منها : أولا : أنه عبادة من العبادات المشروعة التي يتقرب بها المسلم الرجل والمرأة إلى الله سبحانه ، ولذلك عليه أن يستشعر هذه العبادة طيلة فترة زواجه ، فيحسنها ، ويؤديها كما أمر الله تعالى ، بمعاشرة الزوجة بالمعروف ، وبأداء الزوجة حقوق زوجها عليها ، ثانيا : أن المسلم يلبي دواعي الفطرة الإنسانية بحيث يقضي المسلم والمسلمة وطريهما ( شهوتهما) بالحلال ، بعيدا عن الحرام كالزنى ومقدماته ، وبالتالي تبرأ ذمّته مما يشينها مما حرّم الله عليها ، ثالثا: أن المسلم يلبي دواعي الفطرة الإنسانية بإنجاب الذريّة ، وتكوين الأسرة المسلمة ، فمقصد الزواج هو : تكوين الأسرة المسلمة ، والمقصد من تكوين الأسرة المسلمة الإنجاب والنسل ، رابعا : المحافظة على النوع الإنساني ، بتكثيره ، وبقائه ، فلو عزف الناس عن الزواج ، لقلّ عددهم ، وقد يؤدي إلى انقراضهم ، وأما الزواج في القدس فله نكهة إيمانية خاصة ، وله فضائل محصورة فيه دون باقي البلدان ، وقد أرشدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى هذه الفضائل حين سأله الصحابي الجليل ( ذو الأصابع ) : إن ابتلينا بالبقاء بعدك، أين تأمرنا ؟ فقال له صلى الله عليه وسلم : (عليك ببيت المقدس، لعل الله يرزقك ذرية ، يغدون ويروحون إليه) ، ونلاحظ في جواب النبي صلى الله عليه وسلم أنه خصّ المسجد الأقصى بالذكر ، وفضيلة الزواج في القدس ، وفضيلة الذرية التي من شأنها أن تغدو إلى المسجد الأقصى وتروح ، للصلاة ، والذكر ، والعبادة ، وطاعة الله عزّ وجلّ ، ومن هذا الحديث الشريف يمكننا استخلاص فضائل الزواج في القدس ، وبالقرب من المسجد الأقصى المبارك ، مع بعض الملاحظات والتوجيه للمقبلين على الزواج من أبنائنا وبناتنا ، وهذه الفضائل هي : أولا : فضيلة الزواج في القدس ، وأنه زواج مميز ، ودرجة أولى ، لأنه زواج أهل رباط ، وإذا كان للمرابط عديد الفضائل عند الله تعالى ، فكيف إذا أنشأ هذا المرابط بزواجه أسرة مكونة من زوجة وأولاد مرابطين مثله ، حقاً ، إن هذا لشيء عظيم ! ، ثانيا : عقد الزواج في المسجد الأقصى ، يأخذ حكم عقد الزواج في المساجد عموما ، وعقد الزواج في المساجد لا يمنعه الشرع ، لكن له ضوابط يمنع المسلم تجاوزها ، فكيف إذا كان هذا المسجد هو المسجد الأقصى ، أفضل بقاع الدنيا عند الله وعند المسلمين ، بعد المسجدين الحرام ، والنبوي ؟ إذن يجب مراعاة هذه الضوابط ، وكما يحرص العروسان على عقد زواجهما في المسجد الأقصى لينالوا بركة العقد والزواج ، فعليهما أن يحرصا على مراعاة هذه الضوابط الشرعية ، حتى لا يحرمان هذه البركة ، ومن هذه الضوابط ، عدم تبرج العروس ، والمجيء بزينتها إلى المسجد الأقصى ، وعدم التصوير من خلال الضمّ لبعضهما البعض ، أو بأي طريقة مخالفة للآداب العامة ، وغير ذلك من الأمور التي حرمها الله تعالى ، وجميعنا يعرفها ، فهي كما يقال : معلومة من الدين بالضرورة ، ثالثا: ينبغي على العروسين أن ينويا بزواجهما الرباط ، بمعنى التزام ما أمر الله به ، والانتهاء عما نهى الله عنه ، فهذا هو أساس الرباط ، ومقوماته التي يقوم بها ، فإذا نويا هذه النيّة ، كان زواجهما مميزا ، لأنه تكوين لأسرة مرابطة ، رابعا : وحتى يكون الزواج رباطا ، وله فضله المميز في القدس ، يجب على العروسين الحرص ، والعزم ، على إنجاب الذرية ، وعدم التفكير في تحديدها ، كما يفعل بعض الأزواج ، لضعف إيمانه ، وخوفه من العوز والفقر ، مع التذكير أن مثل هذه الأفكار راجعة لعادات الجاهلية التي أبطلها الله وحرّمها ، حيث كان الناس قبل الإسلام وفي جاهليتهم ، يئدون أولادهم خشية الفقر ، كما يئدون بناتهم خشية السبيّ والعار ،ومع التذكير أيضا أننا نحتاج إلى الإنجاب للمحافظة على وجودنا ، مع العلم أن الله هو الرازق ، وكما رزقك الله أيها الزوج ، وأنت أيتها الزوجة ، فإن الله سيرزق كل من تنجبون من الأولاد ، فكل مولود وهو جنين في بطن أمّه يُكتب : أجله ، ورزقه ، وشقيٌّ ، أو سعيد ، خامسا : ولأن الزواج في القدس له فضيلة الرباط ، وله صورة التعبد لله سبحانه ، فينبغي على العروسين أن يحرصا ألا يلوّثا حفل قرانهما بالمحرمات ومن الكبائر خاصة ، كالتبرج ، والتعري ، والاختلاط ، والموسيقى ، والأغاني الماجنة ، فكل ذلك يغضب الله تعالى ، ويرفع البركة من زواج العروسين ، بل ويعجل لهما العقوبة في الدنيا ، بحيث يكون الزواج القائم على المحرمات ابتداء من عقد الزواج ، وانتهاء بإشهاره ، زواجا غير مبارك فيه ، وما المشاكل بين الزوجين ، والطلاق بينهما، وهما في بداية الزواج ، إلا صورة من صور نزع البركة من هذا الزواج الذي قام على ما حرم الله ، ولو كان بيت المقدس ، وأكناف بيت المقدس ، سادسا : وحتى يكون للزواج فضيلة في القدس ، يجب على الزوجين ، وبخاصة أهل العريس ، منع مظاهر ( العنترة) و( الفتوة) أمام الناس ، وعدم ترويعهم ، وتخويفهم ، والتضييق عليهم ، من خلال إطلاق الرصاص ، والمفرقعات ، وإغلاق الشوارع بالسيارات ، والماتورات ، فهذه مواطن لا يحسن فيها مثل هذه الأمور ، التي تمنع فضل الزواج في القدس .
والحمد لله رب العالمين
0 التعليقات:
إرسال تعليق