تعديل

الاثنين، 3 مارس 2025

استقبال شهر رمضان

رقائق إيمانية

 استقبال شهر رمضان
الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
لأن شهر رمضان يتميز بحضوره فينا عن باقي الشهور، فإن من واجبه علينا أن نستقبله استقبالا يليق به ، وذلك على النحو الآتي : أولا : التوبة النصوح ، لأنه شهر المغفرة ، وشهر العتق من النار ، وشهر علوّ الدرجات ، وشهر تفتح فيه أبواب الجنة ، وتغلق فيه أبواب النار ، فلا يليق أبدا لمسلم أن يستقبله ، وهو متسخ بقاذورات المعاصي ، وأدران الذنوب ، فلا بدّ له من توبة نصوح تليق به ، وتصلح لاستقباله ، وأول التوبة الندم على التقصير في الفرائض ، والندم على الاجتراء على المحرمات ، والتوبة النصوح هي التوبة الصادقة ، وليست توبة الكذابين ، وليست استغفار المستغفرين بألسنتهم دون قلوبهم وجوارحهم ، قال الله سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً) سورة التحريم:(8)، فنستقبل رمضان ببغض المعاصي ، وعدم الرجوع إليها ، وإدمان الطاعات ، وهجر قرناء السوء، ورد المظالم والحقوق إلى أصحابها ، واستحلال الخصوم ، وقلة الطعام والكلام والمنام ، فكل هذه المعاني للمسلم يحتاجها في رمضان ليحسن استقباله أحسن استقبال ، الإخلاص : فلا يقبل صيام صائم رياء ،أو سمعة ، وليس من المروءة أن يستقبل المسلم شهر رمضان بقلب لا يحمل الإخلاص فيه لرب رمضان عزّ وجل ، مع العلم أن العمل لا يقبل من مسلم حتى يكون خالصا لله تعالى ، وصوابا موافقا لسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم ، فحتى تكون من المقبولين في رمضان أشهر توبتك ، وأحسن إخلاصك لربك العظيم ، ثالثا: قطع الوشائج والعلاقات قبل دخول شهر رمضان ، مع كل عادة أو عمل ، مخالف للقرآن الكريم ، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ، بل مخالف لتعليم ديننا الحنيف ، فشهر رمضان شهر الطاعات ، فكيف تستقبل شهرا بهذه الصفة ، وأنت معتاد على المعاصي والسيئات والذنوب ؟رابعا : العزيمة الصادقة على التشمير لفعل الطاعات ، والإقبال على الله سبحانه بالأعمال الصالحات ، فأنت تستقبل ضيفا كريما ، يفتح لك فيه أبواب الخير ، ويغلق لك فيه أبواب الشر ، ويقول لك : ( يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشرّ أقصر ) ، وكما أن هذا الشهر كريم ، فكن أنت حين تستقبله كريما مع أهلك ، أوسع عليهم من النفقة ، وكن كريما مع رحمك ، بصلتهم حق الصلّة ، إن أساءوا أعفُ عنهم ، وإن منعوك رفدهم وخيرهم ، فأعطهم ولا تمنع عنهم خيرك ، وإن قاطعوك ولم يصلوك فكن أنت المبادر لصلتهم ، وكن خير الفريقين ، وكن مثل رسولك صلى الله عليه وسلم الذي كان جوادا ، وكان أكثر ما يكون جوادا في رمضان ، فكان أجود من الريح المرسلة ، كما روى عنه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، فاستقبل رمضان بجودك بنفسك ، وجودك بجاهك ، وجودك بمالك ، وجودك بوقتك ، فهذا هو الجود الذي كان يستقبل به رسولنا صلى الله عليه وسلم شهر رمضان ،خامسا : ونستقبل شهر رمضان بالوقاية من كل ما يخدشه ، ويشينك فيه ، فمن العار أن تستقبل شهرا كرمضان ، وأنت تصومه صياما " مرّقعا" كالثوب المُرقّع" ، تخرقه بلسانك بغيبة ،أو نميمة ، أو كذب ، أو شتم لمسلم ، أو تخرقه بيدك فتقتل مسلما ، أو تعتدي عليه بها ، أو تخرقه بشهوة بطنك فتأكل حراما ، أو تقابل هذا الشهر وبطنك متخم بالحرام ، فقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم : ( والصوم جُنَّةٌ ما لم يخرقها) ، رواه أحمد والنسائي وغيرهما، فلا تخرق صيامك ، لأن خرقك الصيام هو سوء استقبال لشهر رمضان ، وقد قال مجاهد رحمه الله: خصلتان من حفظهما سلم له صومه: الغيبة والكذب، ورُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: (الغيبة تخرق الصوم والاستغفار يرقعه، فمن استطاع منكم أن يجيء غدا بصومه مرقَّعًا فليفعل)، فلا تكن صاحب صوم ممزق ، كثير الخروق ، لأن من عادة الناس التي تتصف بالمروءة ، أن تحسن استقبال ضيوفها باللباس الجميل ، والهندام النظيف ، والرائحة الزكية العطرة ،

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More