خصال الخير
رقائق إيمانية
الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
الأنبياء عليهم الصلوات والتسليمات قدوة للخلق وقد جمعوا خصال الخير،فحريّ بالعاقل أن يقتدي بهم ، وإبراهيم عليه الصلاة والسلام قد جمع هذه الخصال خصال وأثنى الله عليه بها فقال سبحانه في سورة النحل "120" : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ، وإبراهيم عليه الصلاة والسلام التي تتحدث الآية عن صفاته هو من أولي العزم من الرسل,وأولو العزم هم: إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ونوح,وقد سماهم الله (أولو العزم) لشدة ما لقوا من أذى الكافرين,ولصبرهم وثباتهم على الإيذاء والبلاء ، وجدير بالمسلمين من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم أن يقتدوا بأولي العزم فيصبروا على الإيذاء والابتلاء الذي يصيبهم وذلك بالثبات على دينهم,وبالعمل من اجل نصرته هذا من جهة ، وأن يحاول كل مسلم منا أن يكون في حياته ( أمّة) كما كان إبراهيم (أمّ) (إن إبراهيم كان امة) ،فلماذا نفقد في مجتمعاتنا المسلمة الرجل (الأمّة) والمرأة (الأمّة) ؟ وبخاصة من حملة الشريعة الإسلامية فالرجل إذا كان عالماً جامعاً لخصال الخير ومعلماً للخير يسمى أمة، فالعالم المسلم الجامع لخصال الخير والعامل بها هو (أمّة) وهو العالم الرباني الذي يذهب إليه الناس ويتبعونه ليأخذوا منه أحكام دينهم أقوالا وسلوكاً,وأحكاما وعملاً ،فتعساً لعالم لا يكون قبلة للناس! وتعساً لعالم لا يقتدي به! وتعساً لعالم يتخذ الدين مطية للدنيا ولشهواتها ، وشهر رمضان الذي نستظل في ظلاله الوارفة بالخير يدعونا إلى أن يكون كل منا (أمّة) من دون الناس ، وهو أمر مقدور عليه لو عزم أحدنا على تحقيقه في حياته بدوام الطاعة لله عز وجل,وهي صفة القنوت التي امتدح الله بها إبراهيم عليه السلام ووصفه بها ، والمسلم الصائم حين يجمع خصال الخير لا بد أن يحقق خصلة شكر نعم الله عليه كبيرها وقليلها بقلبه ولسانه وبجوارحه كلها ، وهو مع هذا الشكر بهذه الصفة مقصر في شكر نعم الله عليه ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوها ( سورة النحل " 18" ، وشكر نعم الله من العبد عدا عن كونها عبادة فهي أدب يتأدب به العبد مع ربه ومن جمع خصال الخير فكان عالماً عاملاً بعلمه مطيعاً لربه في كل أحواله وشاكراً له سبحانه على نعمائه ولا يميل عن الإسلام إلى غيره من الملل الباطلة فان الله يجتبيه ويهديه ويرزقه الذرية الصالحة كما أكرم الله إبراهيم حيث اجتباه وهداه، والاجتباء كما يكون للأفراد يكون للمجتمعات أما الفرد فيجتبيه ربه بأن يرفع منزلته في الدنيا ويرزقه الذرية الصالحة ويذكر اسمه في مجامع الخيرات،وأما الأمم الجامعة لخصال الخير هذه فان الله يمكن لها في الأرض ، وهي متحققة إن شاء الله تعالى في كل مجتمع مسلم يلتزم بهذه الصفات ويجعلها من صفاته الأصيلة التي يقيم حياته عليها، ومن خصال الخير التي يغفل عنها المسلمون في رمضان التوبة النصوح ، وكما قيل : درهم وقاية خير من قنطار علاج ، ودرهم توبة خير من قنطارصيام لا يتوب فيه المسلم عما حرّم الله عليه ،لأن الأصل في المسلم أن يكون تقياً,أي:مؤدياً للفرائض,ولا يقترف المعاصي, ولأن ابن ادم بطبعه خطاء,فقد أرشده الإسلام إلى التوبة,ومن خطوات التوبة أن يحدث المسلم عند كل ذنب أذنبه,طاعة وحسنة، وطرق الخير وخصاله كثيرة,فتعالوا نتعرف إلى بعضها,لنبادر إلى العمل بها,ولأننا في بيت المقدس بحاجة ماسة إليه: أولاً : كيف الشر عن الناس,فهذا باب من أعظم أبواب الخير,وهو باب من أبواب الصدقات التي تنفعك قال أبو ذر رضي الله عنه,قلت : يا رسول الله أرأيت ان ضعفت عن بعض العمل؟ - يعني العمل الصالح – قال النبي صلى الله عليه وسلم : " تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك " متفق عليه، ثانياً : لقاء الناس بوجه طليق,فبادر أيها المسلم الحبيب,إلى ملاقاة غيرك من المسلمين,بوجه مبتسم,متهلل لرؤيته ولو كنت في شحناء معه,لتصفو القلوب,ولكي تحابب النفوس,فالابتسامة لا تكلف شيئاً إلا قبض وجهك بالانشراح لأخيك المسلم,فسارع إلى هذا الخلق الرفيع,لنشر المودة بيننا, فرسولنا صلى الله عليه وسلم يقول " لا تحقرنّ من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق "، تذكروا أيها الصائمون أنكم في شهر رمضان,شهر الحب,والتعاون,والتسامح والتواصل، ثالثاً:إماطة الأذى عن طرقات المسلمين,وألوان الأذى كثيرة في مجتمعنا المقدسي,ومن الأمثلة عليها :
1- إلقاء النفايات في الشوارع وإمام بيوت الجيران.
2- نزول السائق من سيارته وتركها في الشارع ، والتسبب في إرباك حركة المرور.
3- الاستطالة في البنيان على الجيران من غير وازع يردع,ولا خلق يمنع، وما تبقى من ألوان الأذى,فأنتم تعيشونها وتعرفونها,فكونوا في شهر رمضان من أهل الصدقات,بإماطة الأذى عن طرقات المسلمين,فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " وتميط الأذى عن الطريق صدقة " متفق عليه، وهذا نداء لكم جميعا قبل أن يحمل رمضان رحاله ويرحل ، تعالوا لنوحد قلوبنا ،تعالوا لنجمع أيادينا وجهودنا، تعالوا إلى دخول سوق الخيرات ، فالكلمة الطيبة صدقة،وتعين الرجل في دابته تحمله عليها,وترفع له عليها متاعه صدقة،وتعدل بين الاثنين صدقة، وتعين ذا الحاجة الملهوف صدقة،وتمسك عن الشر صدقة،وتعزل حجراً عن طريق الناس أو شوكة وعظماً,تزحزح نفسك عن النار،هكذا قال رسولنا صلى الله عليه وسلم،وهكذا علمنا،وكل ما ذكرته لكم هي نماذج لخصال الخير وخصاله، وهي لا تخفى عليكم ، وكل هذه من وجوه الصدقات التي أنتم في رمضان تتنافسون في الصدقات ، مع العلم أن الصدقة لا تقف عند المال ، فكل خصلة من خصال الخير صدقة فبادروا إليها.
والحمد لله رب العالمين
0 التعليقات:
إرسال تعليق